للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فلما ذهب قال جلساؤه: أهكذا كنت تفتينا؟ ، كنت تفتينا أن لمن قتل توبة مقبولة. قال: إني لأحسبه رجلاً مغضباً يريد أن يقتل مؤمناً. قال فبعثوا في إثره فوجدوه كذلك"، وهذا مذهب أهل السُّنَّة وهو الصحيح. وأن هذه الآية مخصوصة ودليل التخصيص آيات وأخبار" (١) .

فهذه الآية نزلت في مقيس بن ضبابة وهو قد قتل مؤمناً متعمداً ثم ارتد بعدها كافراً.

(ب) وقد ورد الحديث الشريف عن عبادة بن الصامت يثبت أن الزنى والسرقة وقتل النفس هي غير الشرك بالله.

قال: "تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".

ولا يقال هنا: إن الذنوب الواردة هي من الشرك، وهي بيان له بعد ذكره لأن معنى هذا أن قوله: (من أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له) يعني أن من أشرك بالله فقتل ردة كعقوبة في الدنيا كان ذلك كفارة له عن الشرك، وهذا خلاف المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن قتل المشرك ردة في الدنيا لا يغني عن تخليده في النار أبداً.

كما نقل عن ابن عباس أن قوله (متعمداً) يعني مستحلاً للقتل فهذا يؤول إلى الكفر.

(ج) قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة" (٢) .

فهذا نص في أن قاتل النفس ليس كتارك دينه بل هو بمنزلة الزاني المحصن، وإحلال الدم لا يستلزم الكفر بل يكون في حد فقط كما هو معلوم.


(١) "القرطبي" جـ٥ ص ٣٣٣.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>