للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيكون من عاش فأدرك هذه الواجبات المفروضة - أو من بلغته عامة - لابد له من التزامها لدخولها في الإيمان الواجب في حقه خلاف من مات قبلها أو لم تصله.

(جـ) الإيمان الكامل:

ويشمل الإتيان بالمستحبات والبعد عن المكروهات، فهو يشتمل إذن على جميع الأعمال واجبها ومستحبها وترك حرامها ومكروهها. فيكون ما عناه السلف من زيادة الإيمان ونقصه إنما هو في مرتبة الإيمان الواجب والكامل، ينقص بالمعصية ويزداد بالطاعة والعمل الصالح، فهاتين المرتبتين أو الدرجتين يعقل فيهما معنى الزيادة والنقصان لظهورهما في حق من وجب في حقه العمل لبلوغه له وتكليفه به.

يقول الإمام ابن تيمية في معرض رده على المرجئة الذين يقولون إن الإيمان مجرد ما في القلب:

"ظنهم أن الإيمان الذي فرضه الله على العباد متماثل في حق العباد، وأن الإيمان الذي يجب على شخص يجب مثله على كل شخص، وليس الأمر كذلك فإن اتباع الأنبياء المتقدمين أوجب الله عليهم من الإيمان ما لم يوجبه على أمة محمد، وأوجب على أمة محمد من الإيمان ما لم يوجبه على غيرهم، والإيمان الذي كان يجب قبل نزول جميع القرآن ليس هو مثل الإيمان الذي يجب بعد نزول القرآن، والإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبر به الرسول مفصلاً ليس مثل الإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبره به مجملاً، فإنه لابد في الإيمان من تصديق الرسول في كل ما أخبر، لكن من صدق الرسول أو مات عقب ذلك لم يجب عليه من الإيمان غير ذلك، وأما من بلغه القرآن والأحاديث وما فيهما من الأخبار والأوامر المفصلة فيجب عليه من التصديق المفصل بخبر بخبر وأمر أمر ما لا يجب على من لم يجب عليه إلا الإيمان المجمل لموته قبل أن يبلغه شئ آخر.

<<  <   >  >>