للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا المعنى متواتر في الشريعة، وقاعدة مقررة في الأصول ليس هذا موضع بيانها، ولكن بناء على ذلك فإن ترك الأعمال جملة يدل على فساد القلب فساداً تاماً لا صلاح فيه، وقد أوضح ذلك الإمام ابن تيمية فقال: "فهذا الموضع ينبغي تدبره، فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب، وعلم أن من قال من الفقهاء أنه إذا أقر بالوجوب وامتنع عن الفعل لا يقتل، أو يقتل مع إسلامه، فإنه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية، والتي دخلت على من جعل الإرادة الجازمة مع القدرة التامة لا يكون بها شئ من الفعل ولهذا كان الممتنعون من قتل هذا من الفقهاء بنوه على قولهم في مسألة الإيمان وأن الأعمال ليست من الإيمان، وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شئ من الأعمال الظاهرة ممتنع، سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزء من الإيمان" (١) .

ويقول في موضع آخر: "وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله بقلبه، أو بقلبه ولسانه، لم يؤد واجباً ظاهراً، ولا صلاة ولا زكاة ولا صياماً، ولا غير ذلك من الواجبات، لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث أو يعدل في قسمه وحكمه من غير إيمان بالله ورسوله، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى الله عليه وسلم (٢) .


(١) مجموع الفتاوى جـ٧ص٦١٦ كتاب الإيمان الأوسط.
(٢) السابق جـ٧ص٦٢١.

<<  <   >  >>