للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى في آية القصاص: (فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) ، فأثبت تعالى له أخوة الإسلام ولم ينفها عنه، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة بعد"، وزاد في رواية: "ولا يقتل وهو مؤمن - وفي رواية ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم" الحديث في الصحيحين مع حديث أبي ذر، فيهما أيضاً قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: "على رغم أنف أبي ذر"، فهذا يدل على أنه لم ينف عن الزاني والسارق والشارب والقاتل مطلق الإيمان بالكلية مع التوحيد، فإنه لو أراد ذلك لم يخبر بأنه من مات على لا إله إلا الله دخل الجنة، وإن فعل تلك المعاصي (١)


(١) نريد أن ننبه هنا إلى أنه أثبت دخول الجنة ونفى الكفر عن الموحد الفاعل للمعاصي، أما ترك الفرائض فذلك مقام آخر، وله منزلة أخرى فقد توجب الفريضة التي تركها عليه الكفر الأكبر وقد لا توجب، ومن سوى بين فعل المعصية وترك الفريضة فهو من المرجئة، كما سبق أن نقلنا عن ابن رجب قوله: "قال ابن عيينة: المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم وليس سواء لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير عذر أو جهل كفر". راجع جامع العلوم والحكم لابن رجب ص ٤١ كما قال ابن تيمية في نفس المعنى: "قاعدة في أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه، وأن جنس ترك المأمور به أعظم من جنس فعل المنهي عنه، وأن مثوبة بني آدم على أداء الواجبات أعظم من مثوبتهم على ترك المحرمات، وأن عقوبتهم على ترك الواجبات أعظم من عقوبتهم على فعل المحرمات ... " مجموعة الفتاوى جـ٢ ص٨٥ وقد استدل ابن تيمية على ذلك باثنين وعشرين دليلاً فارجع إليه.

<<  <   >  >>