للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

، فلن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وإنما أراد بذلك نقص الإيمان ونفي كماله" (١) إلا أن صاحب الكتاب نفسه قد بين بعد ذلك مباشرة أن هناك من أعمال الجوارح ما يوجب الكفر على صاحبه بمجرده إجماعاً، كالساجد للصنم، مثلاً، رغم أنه كفر بالعمل لا بالاعتقاد يقول:

"س: وإذا قيل لنا هل السجود للصنم والاستهانة بالكتاب وسب الرسول صلى الله عليه وسلم والهزل بالدين ونحو ذلك، هذا كله من الكفر العملي فيما يظهر فلم كان مخرجاً من الدين وقد عرفتم الكفر الأصغر بالعملي؟ "

ج: اعلم أن هذه الأربعة وما شاكلها ليس هي من الكفر العملي إلا من جهة كونها واقعة بعمل الجوارح فيما يظهر منها، ولكنها لا تقع إلا مع ذهاب عمل القلب من نيته وإخلاصه ومحبته وانقياده لا يبقى معها شئ من ذلك، فهي وإن كانت عملية في الظاهر فإنها مستلزمة للكفر الاعتقادي ولابد، ولم تكن هذه لتقع إلا من منافق مارق أو معاند مارد. وهل حمل المنافقين في غزوة تبوك على أن (قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) إلا ذلك مع قولهم لما سئلوا (إنما كنا نخوض ونلعب) قال الله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) . ونحن لم نُعرِّف الكفر الأصغر بالعملي مطلقاً بل بالعملي المحض الذي لم يستلزم الاعتقاد ولم يناقض قول القلب وعمله" (٢) .

فتبين من هذا أن هناك ما يثبت كونه كفراً أكبر ناقل عن الملة، وهو من أعمال الجوارح، فلا يصح عندئذ أن يطلق عليه أنه كفر عملي بمعنى أنه كفر أصغر، لمجرد أنه قد أتى بالجوارح، حتى لا يختلط أمره بأفعال المعاصي التي يطلق عليها اسم الكفر - وهي من الكفر الأصغر - فيظن أن هذا من ذاك.


(١) "أعلام السنة المنشورة" المطبوع تحت اسم ٢٠٠ سؤال وجواب في العقيدة لحافظ حكمي ص٧٥.
(٢) "أعلام السنة المنشورة" ص٧٦.

<<  <   >  >>