٢ - أن الزيادة والنقص التي تطرأ على الإيمان إنما هي في استكمال درجاته، وإنما للإيمان أصل أو حد أدنى ينجو به صاحبه من الخلود في النار، وهو توحيد الله عز وجل ومقتضياته من ترك الشرك وإتيان الأعمال المشترطة لصحة الإسلام - على خلاف فيها - عند من بلغته الشرائع.
٣ - إن لزوم جنس الأعمال - أعمال الجوارح - لتحقيق القدر المنجي من الخلود في النار هو ما تقتضيه قاعدة تلازم الظاهر والباطن المعتبرة أصلاً من الأصول الكلية في الشريعة، فإنه من المحال أن يتحقق بالقلب أصل الإيمان، ثم لا يدفع هذا الإيمان صاحبه إلى إتيان أي عمل من أعمال الجوارح بأية صورة من الصور طوال حياته، وهو ما عبر عنه ابن تيمية بما معناه أن وجود الإرادة الجازمة مع القدرة التامة، يمتنع معه ترك جميع الأعمال وإلا لم يصح التوحيد أصلا.
٤ - وأن فرع هذه المسألة هو إثبات الأعمال المعينة في المباني الأربعة، التي تشترط لصحة الإسلام - على خلاف فيها - كما ذكرنا من قبل.
وقبل أن نختم هذا الفصل نعود فنؤكد مرة أخرى على معان محددة خوفاً من اختلاطها في الأذهان وهي:
أولاً: أن لزوم جنس الأعمال الواجبة لتحقيق أصل الإيمان في القلب، إنما هو دلالة على تحقيق هذا الحد الأدنى من الإيمان الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار، وعدم هذه الأعمال بالكلية إنما هو كذلك دلالة على سقوط هذا القدر من الإيمان من القلب لتلازم الظاهر والباطن كما ذكرنا.