للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالنسبة للإسلام فيجب أن يعرف المرء ربه سبحانه، بمعرفة صفات ربوبيته اللازمة لكماله، وحقوق ألوهيته التي لا تصرف لغيره بشكل من الأشكال، وما يتبع ذلك من إثبات الرسل والوحي وغير ذلك مما تجب معرفته من أصول عقيدة التوحيد، والتي لا يثبت التوحيد بدونها، ولا يسع المسلم جهلها، وإلا ما كان مسلماً، فإن الاعتقاد فرع من المعرفة، وكيف يؤمن المرء بقضية لا يعرفها، أو لا يعرف الضروريات من أصولها؟! (١) ، وقد أثبت الجهمية الإيمان بمجرد المعرفة فقط (٢) .


(١) يراجع بحثنا عن [عارض "الجهل" في الشريعة "الجواب المفيد في حكم جاهل التوحيد"] ، وحدود ما يجب أن يعرف هو كما قلنا ما لا يسع المسلم جهله ليصير مسلماً وذلك في التوحيد، أما في الأصول الاعتقادية أو الأصول القطعية التي يجب فيها البلاغ والتي تخفى على العامة كذلك، فهي ليست محل قضيتنا ولا هي داخلة في حدود المعرفة المطلوبة لأصل الإيمان.
(٢) وقد اقترفت الجهمية عن أهل السنة في مقصودهم بالمعرفة، فبينما ذكر أهل السنة أن المعرفة - بمعنى العلم أو الإعلام بالموضوع - لا يستلزم التصديق أو التكذيب، وإنما إن كان العلم بمعنى تحقق المعرفة بالشئ على ما هو عليه في الحقيقة فإنه متضمن للتصديق بطريق اللزوم، ولا محالة ولا يتصور مع هذه الحالة - وهي تحقق العلم النفسي بالموضوع على حقيقته - أن يصير معها تكذيب في النفس - وإن أمكن التكذيب في الظاهر باللسان جحوداً - بينما أثبت الجهمية إمكان تحقق العلم النفسي بالشئ على ما هو عليه في حقيقته ثم تكذيبه في نفس الأمر تكذيباً نفسياً. وهو ما لا يمكن تصوره أو إمكان حدوثه كما قرر هذا الإمام ابن تيمية عن أهل السنة والجماعة. راجع "الرسالة التسعينية" بالفتاوى الكبرى جـ ٥ ص ١٦٣.

<<  <   >  >>