(٢) وقد اقترفت الجهمية عن أهل السنة في مقصودهم بالمعرفة، فبينما ذكر أهل السنة أن المعرفة - بمعنى العلم أو الإعلام بالموضوع - لا يستلزم التصديق أو التكذيب، وإنما إن كان العلم بمعنى تحقق المعرفة بالشئ على ما هو عليه في الحقيقة فإنه متضمن للتصديق بطريق اللزوم، ولا محالة ولا يتصور مع هذه الحالة - وهي تحقق العلم النفسي بالموضوع على حقيقته - أن يصير معها تكذيب في النفس - وإن أمكن التكذيب في الظاهر باللسان جحوداً - بينما أثبت الجهمية إمكان تحقق العلم النفسي بالشئ على ما هو عليه في حقيقته ثم تكذيبه في نفس الأمر تكذيباً نفسياً. وهو ما لا يمكن تصوره أو إمكان حدوثه كما قرر هذا الإمام ابن تيمية عن أهل السنة والجماعة. راجع "الرسالة التسعينية" بالفتاوى الكبرى جـ ٥ ص ١٦٣.