للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول ابن حزم: "ذهب قوم إلى أن الإيمان إنما هو معرفة الله تعالى بالقلب فقط، وإن أظهر اليهودية أو النصرانية وسائر أنواع الكفر بلسانه وعبادته. فإذا عرف الله تعالى بقلبه فهو مسلم من أهل الجنة" (١) .

وهذا القدر وحده لا يكفي لإثبات الإيمان – حتى دون إظهار الكفر باللسان – وإلا كان إبليس مؤمناً، فقد قال الله تعالى على لسانه: (قال أنظرني إلى يوم يبعثون) (٢) .

وقال تعالى حاكياً عن إبليس: (إني أخاف الله رب العالمين) (٣) .

وهذا القدر لا خلاف فيه بين أهل السُّنَّة (٤) .

٢- التصديق:


(١) "الملل والنحل" لابن حزم جـ٣ ص ١٨٨.
(٢) الأعراف ١٤.
(٣) الحشر ١٦.
(٤) قد تجد في بعض كتب الأصول أن المعرفة ليست بشرط عند أهل السنة وأنها شرط عند المعتزلة، فنقول إن المقصود من المعرفة في اصطلاحهم (التي ليست بشرط عند أهل السنة) هي معرفة دليل التوحيد وليس موضوعه، فنحن نقول إن معرفة موضوع التوحيد شرط ولا يعذر جاهله، وليس معرفة دليله، ونسوق من كلامهم ما يدل على اختلاف قصدنا بلفظ المعرفة عن مرادهم به في هذا الموضع، يقول صاحب "فيض الباري" في تحقيق المعرفة: "فالمشهور عن الأئمة الأربعة رحمهم الله أنها - أي المعرفة - ليست بشرط بخلاف المعتزلة فإنها شرط عندهم. ومعناه عندهم أن يكون عنده من الدلائل على التوحيد والرسالة ما يوجب اليقين.." اهـ جـ١ ص ٥٣. وهذا يوضح معنى ما قلناه من أن المقصود بالمعرفة التي ليست بشرط عند أهل السنة هي معرفة دلائل التوحيد وليس موضوعه بلا خلاف. ويراجع كذلك في هذا المعنى ما قاله ابن القيم في مدارج السالكين جـ٣ ص ٤٨٦.

<<  <   >  >>