للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو يمثل العنصر الثالث الضروري لأصل الإيمان أو الحد الأدنى من الإسلام الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار، فيسلم المرء لله سبحانه وينقاد لرسوله وشريعته، فلا يرد منها شيئاً مهما كان بعد قبوله التزام الأحكام.

نقل الشوكاني في نيل الأوطار ما قاله الحافظ في الفتح في باب قتل من أبى من قبول الفرائض:

"وفيه منع قتل من قال لا إله إلا الله ولو لم يزد عليها وهو كذلك، لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلماً؟ الراجح لا، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه" (١) .

ويقول صاحب معارج القبول: "ومن هنا يتبين لك أن من قال من أهل السُّنَّة في الإيمان: هو التصديق على ظاهر اللغة أنهم إنما عنوا التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد ظاهراً وباطناً بلا شك، ولم يعنوا مجرد التصديق، فإن إبليس لم يكذب في أمر الله تعالى له بالسجود، وإنما أبى عن الانقياد كفراً واستكباراً" (٢) .

وقد فصل الإمام ابن تيمية القول في هذه النقطة تفصيلاً لا مزيد عليه نقتطف منه ما يلي:

قال في معرض حديثه عن الفارق بين الإيمان والتصديق الذي هو نسبة الصدق إلى الخبر:

"وذلك أن الإيمان يفارق التصديق: أي لفظاً ومعنى".

ثم يبين أحد الفروق اللفظية بينهما وهو أن التصديق إنما ينطبق على الحقائق أو الأخبار المحسوسة أما الإيمان فإنما يستعمل فيما هو وراء الغيب من أخبار فيقول:

"والفرق الثاني: ما تقدم من أن الإيمان لا يستعمل في جميع الأخبار، بل في الإخبار عن الأمور الغائبة ونحوها مما يدخلها الريب، فإذا أقر بها المستمع قيل: آمن، بخلاف لفظ التصديق فإنه عام متناول لجميع الأخبار".

ثم يبين بعدها الفارق في المعنى بينهما فيقول:


(١) "نيل الأوطار" للشوكاني في جـ ٨ ص ١٢.
(٢) "معارج القبول" لحافظ حكمي جـ ٢ ص ٢٣.

<<  <   >  >>