للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن تواضع مجتمع ما بأفراده وهيئاته على إقرار معصية من المعاصي بحيث تصير غير منكرة بينهم، بل هي المتعارف عليها المعمول بها، المستنكر خلافها (١) ، فهذا ولاشك يحمل دلالة على رد الشرع وعدم الانقياد له من المجتمع جملة، وإن لم يلزم من ذلك اعتبار أفراده خارجين عن الإسلام فرداً فرداً.

والحق أنه ليس هناك مجتمع يعلن الإسلام – ولو باللسان – ثم يعلن إنكار للرسالة أو جحود الشرائع جملة، وإنما هو الوقوع في أعمال الكفر مع الإقامة على تصديق الرسالة والاعتراف بربوبية الله تعالى.

وقد ذكر الفقهاء الدلالة التي يعتبر فيها المجتمع منخلعاً عن الإسلام ويتحول إلى دار كفر بعد أن كان دار إسلام، فأجمعوا على أنها الحكم بغير ما أنزل الله، والتحاكم إلى غير شريعته، وارتفاع لواء شرع غير شرعه تجرى على أساسه جميع معاملات هذا المجتمع (٢) ، فهذه دلالة قطعية على رد هذا المجتمع للشريعة جملة، وخروجه عن الإسلام كلية، وإن كان هذا لا يعني كفر أفراده فرداً فرداً.


(١) ومثال ذلك الأعمال التي يقرها ويتواضع على فعلها والإقامة عليها ويجريها مجرى المباحات بل والمستحبات في التعامل كمصافحة الرجال للنساء، والتي أصبحت تعتبر فرضاً واجباً على كل رجل يقابل امرأة أجنبية، ويستنكر غيره عليه سوء أدبه إن لم يصافحها وإخجاله إياها بترك مصافحتها، فهذا إجراء للمصافحة المحرمة على أنها فرض واجب بذم تاركه وقس على ذلك كثير من العادات الجاهلية.
(٢) راجع بالتفصيل بدائع الصنائع للكاساني جـ ٩ كتاب السير صـ ٤٣٧٤.

<<  <   >  >>