للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذه الصفة التي وردت في الآية الكريمة ليست صفة المسلم العادي، وإنما هي صفة كمال الإيمان أي أن من أصر على الذنب - أي أقام عليه - ليس بالضرورة مشركاً بل يحتمل أن يكون كذلك إن انعقد قلبه على عدم الترك كما قلنا، أو أن يكون عاصياً لا يجعل له صفة الكمال في الإيمان لإقامته على الذنب فقط - دون عقد القلب - وترك التوبة منه، ولا يصح أن يفهم من الآية مفهوم مخالفتها بمعنى أن من لم يصر فهو المؤمن فيكون المصر كافراً! هكذا دون تفصيل، فهذا هو الفهم الناقص الذي لا يجمع بين أطراف الأدلة ولا يسير على منهج النظر الصائب، ولا يستلهم القواعد والأصول ومقتضياتها.

قبول الشرائع وردها بين الفرد والمجتمع:

قررنا فيما سبق أن مناط الكفر في أعمال المعاصي هو سقوط عقد القلب أو استحلال المعصية. والاستحلال أمر قلبي لابد من دلالة قطعية عليه ليمكن الحكم بكفر مرتكبها.

وإن إقدام الفرد على معصية الله تعالى ومداومته عليها يعتبر إصراراً منه عليها وكبيرة من الكبائر – كما اعتبرها الإمام ابن حجر الهيثمي في الزواجر، الكبيرة الرابعة والثلاثون – وكما تبين من قبل لا يعتبر دلالة على رد الشرع أو الأمر والنهي بظاهره إلا إن أخذ صورة الدوام والعرف المتبع، وأصبح مبدأ ثابتاً يدعو إليه ويستحسنه مع علمه لمخالفته لأمر الله تعالى ... فبهذه الضوابط يعتبر ظاهر فعله كفراً هذا بالنسبة للفرد، أما المجتمعات فتختلف الدلالات بالنسبة لها.

فإن الفقهاء قد وضعوا شروطاً محددة واعتبروا أوضاعاً معينة ظاهرة هي التي تفرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فمتى تحققت هذه الشروط اعتبرت هذه المجتمعات بحسبها.

<<  <   >  >>