للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا وجه وهناك وجه آخر هو حب الله ورسوله على غلبة الشهوة. والمتأمل في قوله تعالى: (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) (١) .

يرى أن الله سبحانه قد جعل من لم يصر على ذنبه بعد علمه به (٢) ، واستغفر منه، في أعلى درجات الإيمان وأحسن أوصاف المؤمنين، فالقرآن "يأتي بالغايات تنصيصاً عليها" - كما سيأتي تفصيل ذلك في الباب الثالث - فيصف المؤمنين دائماً بأحسن صفاتهم المطلوبة فيرغب فيها أهل الحق ليسعون إليها، ويصف الكافرين بأبشع أوصافهم لينفر منها المؤمنين ويبتعدوا عنها (٣) .


(١) آل عمران ١٣٥، ١٣٦.
(٢) وشرط العلم هنا قيل فيه تفاسير منها:
يعلمون: أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها.
وقيل يعلمون: أني أعاقب على الإصرار.
وقيل يعلمون: أنهم إن تابوا تاب الله عليهم.
وقيل يعلمون: أن لهم رباً يغفر لهم. وقيل يعلمون: ما حرمت عليهم وغير ذلك، ولكن القول الأخير غير ظاهر لأنهم إن كانوا يجهلون حكم الحلال والحرام فهم معذورون لحين ورود الشرع بذلك لهم وبلوغ الحجة إليهم. فالأوامر والنواهي عموماً من الفروع. فيكون الأظهر هو أنهم يعلمون أن الله يعاقبهم على ذلك والله تعالى أعلم. راجع القرطبي جـ٤ صـ ٢١٢.
(٣) راجع الباب الثالث من هذا الفصل الثالث.

<<  <   >  >>