(٣) عن عبادة بن الصامت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار". رواه مسلم والترمذي.
(٤) وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل قال: "يا معاذ بن جبل. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً، قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار.." رواه البخاري ومسلم.
وغير ذلك من الأحاديث التي ذكر فيها نطق الشهادتين، وجعلها شرطاً لدخول الجنة، وترتيب النجاة على قولها أو شهادتها دون غيرها.
وقد اتفق أهل السُّنَّة والجماعة بلا خلاف بينهم على صرف هذه الأحاديث عن ظاهرها وتأويلها بوجه من الوجوه وعدم اعتبار عموميتها، ومن أقوالهم في ذلك:
يقول الإمام الشاطبي في شرح الطريقة التي يجب أن تتخذ منهجاً ومسلكاً لفهم الكتاب والسُّنَّة:
"... وللسنة هنا مدخل، لأنها مبينة للكتاب، فلا تقع في التفسير إلا على وفقه، وبحسب المعرفة بالتقديم والتأخير يحصل بيان الناسخ من المنسوخ في الحديث، كما يتبين ذلك في القرآن أيضاً. ويقع في الأحاديث أشياء تقررت قبل تقرير كثير من المشروعات، فيأتي فيها إطلاقات أو عمومات ربما أوهمت ففهم منها ما لا يفهم منها لو وردت بعد تقرير تلك المشروعات، كحديث: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" أو حديث: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار"، وفي المعنى أحاديث كثيرة وقع من أجلها الخلاف بين الأمة فيمن عصى الله من أهل الشهادتين.
فذهبت المرجئة إلى القول بمقتضى هذه الظواهر على الإطلاق، وكان ما عارضها مؤولا عند هؤلاء. وذهب أهل السُّنَّة والجماعة إلى خلاف ما قالوه، حسبما هو مذكور في كتبهم وتأولوا هذه الظواهر.