للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن جملة ذلك أن طائفة من السلف قالوا إن هذه الأحاديث منزلة على الحالة الأولى للمسلمين وذلك قبل أن تنزل الفرائض والأمر والنهي، ومعلوم أن من مات في ذلك الوقت ولم يصل أو لم يصم مثلاً وفعل ما هو محرم في الشرع لا حرج عليه، لأنه لم يكلف بشئ من ذلك بعد، فلم يضيع من أمر إسلامه شيئاً، كما أن من مات والخمر في جوفه قبل أن تحرم فلا حرج عليه، لقوله تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح..) الآية، وكذلك من مات قبل أن تحول القبلة نحو الكعبة لا حرج عليه في صلاته إلى بيت المقدس، لقوله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم..) ، وإلى أشياء من هذا القبيل فيها بيان لما نحن فيه، وتصريح بأن اعتبار الترتيب في النزول مفيد في فهم الكتاب والسُّنَّة" (١) .

ويقول الحافظ المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب":

"وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال: "لا إله إلا الله دخل الجنة أو حرم الله عليه النار" ونحو ذلك، إنما كان في ابتداء الإسلام، حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد، فلما فرضت الفرائض، وحدت الحدود نسخ ذلك، والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة. وإلى هذا القول ذهب الضحاك والزهري وسفيان الثوري وغيرهم، وقال طائفة أخرى: لا احتياج إلى ادعاء النسخ في ذلك، فإن كل ما هو من أركان الدين وفرائض الإسلام هو من لوازم الإقرار بالشهادتين.." (٢) .

كما ذكر ابن رجب الحنبلي في كتابه "تحقيق كلمة الإخلاص" بعض آراء السلف في صرف هذه الأحاديث عن ظاهرها وفهمها وتفسيرها:


(١) "الموافقات" للشاطبي جـ٣ ص ٤٠٨ وبعدها من كتاب: الأدلة الشرعية، الدليل الأول المسألة الحادية عشرة.
(٢) "الترغيب والترهيب" للمنذري جـ٢ ص ٤١٣.

<<  <   >  >>