"وقد ذهب طائفة إلى أن هذه الأحاديث المذكورة أولاً وما في معناها كانت قبل نزول الفرائض والحدود ومنهم الزهري والثوري وغيرهما. وهذا بعيد جداً، فإن كثيراً منها نزل بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهي في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء منهم من يقول إنها منسوخة.
ومنهم من يقول هي محكمة ولكن ضم إليها شرائط، ويلتفت هذا إلى أن الزيادة على النص هل هي نسخ أم لا؟ والخلاف في ذلك بين الأصوليين مشهور.
وقالت طائفة: تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخرى، ففي بعضها: "من قال لا إله إلا الله مخلصاً"، وفي بعضها: "مستيقناً"، بعضها: "يصدق لسانه"، وفي بعضها: "يقولها حقاً من قلبه"، وفي بعضها: و"قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه" (١) اهـ.
ثم ذكر ابن رجب بعد ذلك أقوالاً تفيد أنها مقيدة بشرائط لابد من تحققها، قال:
"وقال الحسن للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة.
قال الحسن: نعم العدة لكن لـ (لا إله إلا الله) شرائط، فإياك وقذف المحصنة.
وقيل للحسن: إن ناساً يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة؟ فقال: من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.
وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ فقال: بلى. ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.. كما في الصحيحين عن أبي أيوب أن رجلاً قال يا رسول الله: أخبرني بعمل يُدخلني الجنة؟ فقال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ... كما دل قوله تعالى:(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) .