للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على أن الاخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد، فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد" (١) .

كما أخذ الإمام الآجري بقول من قال من السلف أن هذه الأحاديث قبل نزول الفرائض فقال:

"فإن احتج محتج بالأحاديث التي رويت: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة"، قيل له: هذه كانت قبل نزول الفرائض على ما تقدم ذكرنا له، وهذا قول علماء المسلمين ممن نعتهم الله عز وجل بالعلم، وكانوا أئمة يقتدى بهم سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان. وقول الأئمة والذين لا يستوحش من ذكرهم في كل بلد" (٢) .

وما أوردناه من أقوال العلماء من أهل السُّنَّة والجماعة إنما هو دليل على أنهم - بإجماع - صرفوها عن ظاهرها وأولوها بوجه من وجوه التأويل، وإن اختلفوا في السبب الذي صرفت عن ظاهرها لأجله.

وإن هذا الأمر لهو المنزلق الوعر الذي انزلقت فيه أقوال الكثير من "دعاة الإسلام"، فظنوا أن مجرد نطق الشهادتين - بمعنى التلفظ بهما - هو مدار النجاة من الخلود في النار في الآخرة، ودخلت عليهم الشبهة التي دخلت على مرجئة العصر القديم من هذا الباب، باب الأحاديث التي أطلق فيها هذا القول السابق.

وقد رأينا أن أهل السُّنَّة قد اتفقوا على تأويلها - خلافاً للمرجئة - وإن اختلفوا في السبب.

والحق أن ما ذكره ابن رجب وغيره عن الطائفة التي ذكرت أن هذا القول هو حق قبل نزول الفرائض قد جانبها الصواب في هذا، فإن من هذه الأحاديث ما ورد من طريق أبي هريرة رضي الله عنه، ومعلوم أنه أسلم مؤخراً في المدينة في السنة السابعة للهجرة بعد نزول كثير من الفرائض، ومنها ما جاء في حين غزوة تبوك، فثبت بهذا أن هذا الاعتراض غير وارد.


(١) السابق ص ٢٠.
(٢) "الشريعة" للآجرى ص ١٠٢.

<<  <   >  >>