وفي هذا القدر الذي رويناه من روايات متعددة لأحاديث مشتركة الكفاية للتدلل على أن ما قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"من قال لا إله إلا الله" أنه هو الذي، "يعبد الله ولا يشرك به شيئاً" وهو الذي، "يوحد الله ويكفر بما دونه"، فهي كلها مترادفة وليست رواية منها أحق بالقبول من الأخرى، خاصة ويجمعها كلها وجه واحد وينتظم منها معنى واحد وهو أن القول هنا ليس هو مجرد التلفظ بل هو القيام بمدلولها من عبادة الله وترك الشرك، أي توحيد الله والكفر بما دونه كما قال تعالى:(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفسام لها)(١) .
فإن من تلفظ بالشهادتين بلسانه دون أن يترك الشرك فهو لم يقلها بالمعنى الشرعي ولم يدخل الإسلام بعد.
ومن نطق بهما وهو لم يوحد الله، أو هو قائم على عبادة غيره، فهو كمن لم ينطق، بل هو باق على أصل الشرك لم يزل عنه.
فالمراد إذن بالشهادتين - بنص الأحاديث وظاهرها - هو ترك الشرك والتبري عن دين الكفر، فمن ظل على دين الكفر، أو كان على عمل من أعمال الشرك الأكبر. فهذا لم يأت بالشهادة التي تنجي صاحبها من الخلود في النار.