للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(والذي حصل أن أهل الفتنة أخذوا يتراسلون فيما بينهم، فلما رأوا أن عددهم قد كثر تواعدوا على أن يلتقوا عند المدينة في شوال من سنة (٣٥هـ) في صفة الحجاج، فخرج أهل مصر في أربع رفاق (١) على أربعة أمراء المقلّل يقول ستمائة والمكثر يقول ألف ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، وإنما خرجوا كالحجاج ومعهم المنافق ابن السوداء وخرج أهل الكوفة في عدد كعدد أهل مصر، وكذا أهل البصرة، ولما اقتربوا من المدينة شرعوا في تنفيذ مرحلة أخرى من خطتهم، فقد اتفق أمرهم أن يبعثوا اثنين منهم ليطلعا على أخبار المدينة ويعرفا أحوال أهلها، وذهب الرجلان فلقيا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلياً وطلحة والزبير، وقالا: إنما جئنا نستعفي عثمان من بعض عمالنا، واستأذنا لرفاقهم بالدخول فأبى الصحابة، وقال علي رضي الله عنه: لا أمركم بالإقدام على عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ (٢) , تظاهر القوم بالرجوع وهم يبطنون أمراً لا يعلمه الناس فوصلت الأنباء إلى أهل المدينة بانصراف أهل الفتنة فهدأ الناس، وفي الليل فوجئ أهل المدينة بأهل الفتنة يدخلون المدينة من كل مكان فتجمعوا في الشوارع وهم يكبرون، فجاء علي بن أبي طالب وقال: ما شأنكم؟ لماذا عدتم؟ فرد عليه الغافقي بأن عثمان غدر بهم، قال كيف؟ قال: قبضنا على رسول ومعه كتاب من عثمان يأمر فيه الأمراء بقتلنا!! ، فقال علي لأهل الكوفة والبصرة: وكيف علمتم بما لقي أهل مصر!! وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة، وكان أمر الكتاب الذي زوّر على لسان عثمان - رضي الله عنه -اتخذوه ذريعة ليستحلوا دمه ويحاصروه في داره إلى أن قتلوه - رضي


(١) – ربما يكون هنا خطأ مطبعي والصواب هو فرق وليس رفاق وهذه هي الموجودة في طبعة المشكاة ص ٦٥٢/٢، وكذلك في قرص مكتبة التاريخ والحضارة الإسلامية.
(٢) - تاريخ الطبري (٢/٦٥٢) بتصرف.

<<  <   >  >>