الأول: يقول الشيخ محب الدين (إن التاريخ الإسلامي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال بني أمية وقيام دول لا يسر رجالها التحدث بمفاخر ذلك الماضي , ومحاسن أهله فتولى تدوين تاريخ الإسلام ثلاث طوائف: طائفة كانت تنشد العيش والجده من التقرب إلى مبغضي بني أمية بما تكتبه وتؤلفه وطائفة ظنت أن التدوين لا يتم ولا يكون التقرب إلى الله إلا بتشويه سمعة أبي بكر وعمر وعثمان وبني عبد شمس جميعاً وطائفة ثالثة من أهل الإنصاف والدين - كالطبري وابن عساكر وابن الأثير وابن كثير- رأت أن من الإنصاف أن تجمع أخبار الإخباريين من كل المذاهب والمشارب كلوط بن يحي الشيعي (أبو مخنف) المحترق وسيف بن عمر العراقي المعتدل ولعل بعضهم اضطر إلى ذلك إرضاءً لجهات كان يشعر بقوتها ومكانتها وقد أثبت أكثر هؤلاء أسماء رواة الأخبار التي أوردوها ليكون الباحث على بصيرة من كل خبر بالبحث عن حال راويه وقد وصلت إلينا هذه التركة لا على أنها تاريخنا بل على أنها مادة غزيرة للدرس والبحث يستخرج منها تاريخنا وهذا ممكن وميسور إذا تولاه من يلاحظ مواطن القوة والضعف في هذه المراجع وله من الألمعية ما يستخلص به حقيقة ما وقع ويجردها عن الذي لم يقع مكتفياً بأصول الأخبار الصحيحة مجردة عن الزيادات الطارئة عليها وأن الرجوع إلى كتب السنة وملاحظات أئمة الأمة مما يسهل هذه المهمة وقد آن لنا أن نقوم بهذا الواجب الذي أبطأنا فيه كل الإبطاء وأول من استيقظ في عصرنا للدسائس المدسوسة على تاريخ بني أمية العلامة الهندي الكبير الشيخ شلبي النعماني في انتقاده لكتب جرجي زيدان ثم أخذ أهل الألمعية من المنصفين في دراسة الحقائق فبدأت تظهر لهم وللناس منيرة مشرقة ولا يبعد إذا استمر هذا الجهاد في سبيل الحق أن يتغير فهم المسلمين لتاريخهم ويدركوا أسرار ما وقع في ماضيهم من معجزات) (١)