ومراسيله من أصح المراسيل)) . (منهاج السنة ٦ / ٢٣٦) . فأين الباحثون المنصفون ليدرسوا مثل هذه النصوص الصحيحة؟ لتكون منطلقاً لهم لا أن يلطخوا أذهانهم بتشويشات الإخباريين، ثم يؤولوا النصوص الصحيحة حسب ما عندهم من البضاعة المزجاة. نقول أخيراً: أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بسابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، إذن فاعتقادنا بعدالة الصحابة لا يستلزم العصمة، فالعدالة استقامة السيرة والدين، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفس بصدقه. . . ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي، ومع ذلك يجب الكف عن ذكر معا يبهم ومساوئهم مطلقا -، وإن دعت الضرورة إلى ذكر زلة أو خطأ صحابي، فلا بد أن يقترن بذلك منزلة هذا الصحابي من توبته أو جهاده وسابقته - فمثلاً من الظلم أن نذكر زلة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه دون ذكر توبته التي لو تابها صاحب مكس لقبل منه. . . وهكذا. (الإمامة لأبي نعيم ٣٤٠، ومنهاج السنة ٦ / ٢٠٧) . فالمرء لا يُعاب بزلة يسيرة حصلت منه في فترة من فترات حياته وتاب منها، فالعبرة بكمال النهاية، لا ينقص البداية، لا سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو لم يزكه أحد فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور!] . ولا يسعني في نهاية هذه المقدمة إلا أن أشكر أستاذي أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة