يقول ابن كثير: (كان سبب ذلك أن معاوية رضي الله عنه لما دخل الكوفة وخرج الحسن وأهله منها قاصدين إلى الحجاز قالت فرقة من الخوارج نحو خمسمائة. جاء ما لا يشك فيه فسيروا إلى معاوية فجاهدوه فساروا حتى قربوا من الكوفة وعليهم فروة بن نوفل. فبعث إليهم معاوية خيلاً من أهل الشام فطردوا الشاميين، فقال معاوية: لا أمان لكم عندي حتى تكفوا بوائقكم فخرجوا إلى الخوارج فقالت لهم الخوارج: ويلكم ما تبغون؟ أليس معاوية عدوكم وعدونا؟ فدعونا حتى نقاتله فإن أصبناه كنا قد كفينا كموه، وإن أُصبنا كنتم قد كفيتمونا. فقالوا: لا والله حتى نقاتلكم , فقالت الخوارج: يرحم الله إخواننا من أهل النهروان كانوا أعلم بكم يا أهل الكوفة، فاقتتلوا فهزمهم أهل الكوفة وطردوهم، ثم ولى معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة وفي هذه السنة وثب حمران بن أبان على البصرة فأخذها وتغلب عليها فبعث معاوية جيشاً ليقتلوه ومن معه، فجاء أبو بكرة الثقفي إلى معاوية فسأله في الصفح والعفو، فعفى عنهم وأطلقهم وولي على البصرة بسر ابن أبي أرطأة وبعد خروج هذه الطائفة بسنتين وتحديداً سنة ثلاث وأربعين. كانت وقعة عظيمة بين الخوارج وجند الكوفة،وذلك أنهم صمموا على الخروج على الناس في هذا الحين، فاجتمعوا في قريب من ثلاثمائة عليهم المستورد بن علقمة، فجهز لهم المغيرة بن شعبة جنداً عليهم معقل بن قيس في ثلاثة آلاف، فصار إليهم وقدم بين يديه أبا الرواع في طليعة هي ثلاثمائة على عدة الخوارج، فلقيهم أبو الرواع بمكان يقال له المذار , فاقتتلوا معهم فهزمهم الخوارج ثم كروا عليهم فهزمتهم الخوارج، ولكن لم يقتل أحد منهم فلزموا مكانهم في مقاتلتهم ينتظرون قدوم أمير الجيش معقل بن قيس عليهم، فما قدم عليهم إلا في آخر نهار غربت فيه الشمس فنزل وصلى بأصحابه،ثم شرع في مدح أبي الرواع فقال له: أيها الأمير إن لهم شدات منكرة. فكن أنت ردأ الناس ومر الفرسان