لتركيز التفرقة بين المنطقتين في المغرب وحاولت فرنسا بعد ذلك راغمة السماح بصدور ظهير ٨ إبريل ١٩٣٤ الذي أعاد نظام المحاكم العرفية بتوحيد القضاء الجنائي وقد عملت فرنسا على تعميق الهوة بين العرب والبربر في الأمة المغربية الواحدة لتسود سياسياً وإلا فالعرف البربري كما نفهمه ليس وليد اليوم وإنما هو ترخيص مشروع انطلاقاً من مبدأ تحكيم العادة الصالحة. فالبربري المسلم لا يسمح له إيمانه بتطبيق قانون أو عرف يتعارض مع الشريعة ولذلك كانت الأعراف في الغالب تطبيقات فقهية ذات ألوان محلية خاصة لا تمس الجوهر، وهي أشبه باجتهادات داخل مذهب أو مذاهب إلا أن الأعراف نفسها تختلف في الشمال عنها في الجنوب حيث تصطبغ بالطابع المحلي بينما ظل الفقه في أجزاء السهول والصحراء في صفائه الأصيل خلواً من كل الأعراف، وأول ما قام به المرابطون البرابرة " رد أحكام البلاد إلى القضاة وإسقاط ما دون الأحكام الشرعية"(ابن أبي
زرع ج ٢ ص ٣٧) بل "عدم القطع في أي آمر دون مشاورة القضاة الذين هم ممثلو الشريعة (المعجب ص ١٠٢) وقد لاحظ (طيراس) في "تاريخ المغرب" أن "المرابطين والموحدين قضوا على بقايا رواسْب الوثنية في الأطلس والريف والسهول البربرية وقطعوا أشواطاً كبرى في بث الروح الإِسلامية في النفوس والتمسك بالشريعة". وحدثنا الحسن بن محمد الوزان المعروف
بليون الإِفريقي عن بعض القبائل البربرية التي زارها في القرن العاشر فلمس رغبة الناس في طبع مظاهر حياتهم بالطابع الِإسلامي واستعداد البربر لِإيواء حملة الشريعة الإِسلامية الذين تنقلهم الصدف إلى قراهم وتمنيتهم بالمال وقد حكّموا (ليون الِإفريقي) نفسه (وهو من علماء فاس) في نزاعاتهم وفي الأطلس الكبير لاحظ الوزان أن القبائل تصرف أموالاً طائلة على قضاة دائمين كما هو الحال في (مرنيسة) وفي (بني زروال) وشيشاوة وبتنمل وكذلك الريف غير أن كثيراً من القبائل اضطرت - إزاء عدم وجود
قضاة شرعيين أكفاء - إلى تحكيمِ جماعة الأعيان الذين كانوا يصدرون - نظراً لجهلهم بالشريعة - أحكاماً حسب رأيهم فكان في ذلك ركون إلى أعراف تجمعت مع الأجيال غير أن الأوضاع الخاصة لدى قبائل البربر