للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشواطئ المصرية والسورية. ومعلوم أن حماية المسافرينّ والتجار الأجانب كانت تتسم منذ أوائل الِإسلام بسمة الوجوب في دار الِإسلام، وقد تبلور التأثير الِإسلامي عملياً في التنصيص على هذه المبادئ فعلاً في المعاهدات التجارية، مثال ذلك المعاهدة التي أمضيت عام ٨٩٥ هـ/ ١٤٨٩ م بين جمهورية فلورنسا والسلطان المملوكي قايتباي أمير القلعة بالقاهرة وقد تم

توقيعها بعد ثلاث سنوات من المفاوضات برزت خلالها أولاً كمرسوم سلطاني لدوائره الِإدارية بمصر وسوريا قبل أن تكون معاهدة مع تجار أوروبيين. وقد نص هذا المرسوم بالِإضافة إلى حماية التجار وضمان حقوقهم على عدة بنود تتعلق برسوم الجمارك (١٤ %) والقواعد الِإدارية المتبعة وإقامة قنصلية بين التجار داخل فنادقهم ووسائل تحويل القروض بل نص المرسوم حتى على إمكان التحكيم على يد السلطان بين تجار فلورنسا وتجار أوروبيين آخرين على الأراضي أو المياه المملوكية كل ذلك انطلاقاً من الشريعة والتقاليد الِإسلامية.

وقد أدت المبادلات التجارية بين الشرق الِإسلامي وأوروبا لا إلى إمضاء معاهدات دولية فحسب بل إلى تطوير الأعراف الجمركية والقوانين الِإدارية والبحرية والحربية مع أوروبا الغربية، وقد تأسست في الأندلس عام ٧٤١ هـ/ ١٣٤٠ م قنصلية للبحر كما وضعت مدونة للتقاليد والقواعد تجمعت فيها نصوص ظهرت منذ القرن الحادي عشر الميلادي أيام الموحدين، وقد تم ذلك أولاً في برشلونة حيث نشرت مجموعة قواعد لتنظيم التجارة البحرية والنص على عدم المسؤولية الجماعية مما لم يعرف إلا خلال القرن التاسع عشر بعد (حرب القرم) وقد نص (ماس لاطري) على ذلك من خلال معاهدة أبرمها الموحدون انطلاقاً من الآية الشريفة {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقد قام اليهود بدور كبير في تسهيل نشر هذه المبادئ التي أدرجوا الكثير منها في تلمودهم دعماً لنصوصه التشريعية.

وقد اقتبس (الفونس التاسع) الحكيم ملك قشتالة وامبراطور المغرب (١٢٧٢ م) متأثراً بمعطيات الحضارة الِإسلامية في النصف الثاني للقرن الثالث عشر- من عدد كبير من المصادر العربية وهو الذي جدد جامعة

<<  <   >  >>