والثاني: أن الفعل له عملان: أصلي، وهو أن يقدم مرفوعه على منصوبه، وفرعي، وهو أن يكون على العكس، وعمل هذه الأحرف فرع على عمل الفعل؛ لأنها عملت بمتشابهته فأعطيت من عمل الفعل ما هو فرعي.
فإن قلت: يرد على الثاني النقض بعين ما أسلفته.
قلت: لعل التعليل بمجموع الوجهين لا بكل منهما، فلا يرد. وقد يقال: هذه الأحرف مشابهة للفعل لفظا ومعنى:
أما الأول: فلأن منها ما هو ثلاثي- وهو (إن) و (أن) و (ليت) - ومنها ما هو رباعي، - وهو- (لعل) - ومنها ما هو خماسي، وهو (لكن)؛ ولأنها مبنية على الفتح كالفعل.
وأما الثاني: فلأن معانيها كمعاني الأفعال، كأنك قلت: أكدت وشبهت واستدركت وتمنيت وترجيت، وحينئذ فلا ينتقض بـ (ما) الحجازية أصلا.
«ويجوز نصبهما» أي: نصب الجزأين «بـ (ليت)، عند الفراء وبالخمسة عند أصحابه» ومذهب الجمهور عدم الجواز مطلقا، «وما استشهد به» لكل من المذهبين «محمول على الحال، أو على إضمار فعل، وهو رأي الكسائي» لكن حمله على الحال إنما يتجه فيما هو نكرة، والثاني يمكن في النكرة والمعرفة، فيحمل ما استشهد به الفراء من قول الشاعر: