وإن كان الراهن معسراً استسعى العبد في قيمته فقضى بها دينه، وكذلك إذا استهلك الراهن الرهن، وإن استهلكه أجنبيٌ فالمرتهن هو الخصم في تضمينه،
ــ
حق المرتهن من الوثيقة - ولا يمكن استدراك حقه إلا بالتضمين - لزمت قيمته فكانت رهنا مكانه، فإذا حل الدين اقتضاه بحقه إذا كان من جنس حقه ورد الفضل.
(وإن كان الراهن معسرا استسعى) بالبناء للمفعول (العبد في) الأقل من (قيمته) ومن الدين (فقضى به دينه) ؛ لأنه لما تعذر الوصول إلى حقه من جهة المعتق يرجع إلى من ينتفع بعتقه - وهو العبد - لأن الخراج بالضمان (١) ، ثم يرجع بما يسعى على مولاه إذا أيسر؛ لأنه قضى دينه وهو مضطر فيه. هداية (وكذلك) الحكم (إذا استهلك الراهن الرهن) : أي كالحكم المار في إعتاق الراهن العبد المرهون، إلا في السعاية؛ لاستحالة سعاية المستهلك (وإن استهلكه أجنبي فالمرتهن هو الخصم في تضمينه) لأنه أحق بعين الرهن حال قيامه، فكذا في استرداد ما قام مقامه، والواجب على هذا المستهلك قيمته يوم هلك
(١) "الخراج بالضمان" هذه قاعدة من قواعد الفقه تجري في أبواب كثيرة، ومعناها أن الغرم بالغنم، والمراد أن من يكون له أن يغنم بمقتضى تصرف من التصرفات فعليه أن يغرم ما يقتضيه هذا التصرف من المغارم، وإنما لزمت العبد السعاية لأن الدين متعلق برقبته، وقد صارت رقبته بمقتضى هذا العتق سالمة له، فهذا هو الغنم الذي ترتب على تصرف الراهن بالعتق وقد تعذر استيفاء الدين من الرهن الذي هو العبد لأنه لا يصح بيعه، فكان عليه أن يغرمه، وإنما قلنا "يستسعى العبد في الأقل من قيمته ومن الدين"، لأنه لا يخلو من أن يكون الدين أقل من قيمته أو أكثر منها، فإن كان الدين أقل من القيمة فإن مولى العبد الذي أعتقه - وهو الراهن - ما كان يجب عليه أن يؤدي للمرتهن إلا الدين فكذا العبد، وإن كان الدين أكثر من قيمة العبد فإنا لا نلزمه بالزيادة؛ لأنه إنما سلمت له رقبته وهي لا تساوي إلا القيمة، فلكي يكون الغرم على قدر الغنم لا تكلفه الزيادة: هذا كله إذا أعتقه الراهن بغير إذن المرتهن، فإن أعتقه بإذنه فلا سعاية على العبد