وكذلك إن قال "ضمنته، أو هو علي، أو إلي، أو أنا زعيمٌ به، أو قبيلٌ"، فإن شرط في الكفالة تسليم المكفول به في وقتٍ بعينه لزمه إحضاره إذا طالبه به في ذلك الوقت، فإن أحضره وإلا حبسه الحاكم حتى يحضره، وإذا أحضر وسلمه في مكانٍ يقدر المكفول له على محاكمته برئ الكفيل من الكفالة، وإذا تكفل به على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ، وإن سلمه في بريةٍ لم يبرأ،
ــ
في حق الكفالة لا تتجزأ؛ فكان ذكر بعضها شائعا كذكر كلها (وكذلك إن قال: ضمنته، أو هو علي، أو إلي) أو عندي؛ لأنها صيغ الالتزام (أو أنابه زعيم) أي كفيل (أو قبيل) هو بمعنى الزعيم، بخلاف ما إذا قال: أنا ضامن بمعرفته؛ لأنه التزم المعرفة دون المطالبة. هداية (فإن شرط) الأصيل (في الكفالة تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه) أي لزم الكفيل (إحضاره) أي إحضار المكفول به (إذا طالبه به) الأصيل (في ذلك الوقت) وفاء بما التزمه كالدين المؤجل إذا حل (فإن أحضره) فيها، لأنه وفى ما عليه (وإلا) أي: وإلا يحضره (حبسه الحاكم) لامتناعه عن إيفاء حق مستحق، ولكن لا يحبسه أول مرة لعله لم يدر لماذا دعي، ولو غاب المكفول بنفسه أمهله الحاكم مدة ذهابه وإيابه، فإن مضت ولم يحضره حبسه، لتحقق الامتناع عن إيفاء الحق. هداية.
(وإن أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له على محاكمته) كالمصر، سواء قبله أو لم يقبله (برئ من الكفالة) لأنه أتى بما التزمه، إذ لم يلتزم التسليم إلا مرة واحدة (وإذا تكفل به على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ) أيضاً، لحصول المقصود، لأن المقصود من شرط التسليم في مجلس القاضي إمكان الخصومة وإثبات الحق، وهذا حاصل متى سلمه في المصر، لأن الناس يعاونونه على إحضاره إلى القاضي، فلا فائدة في التقييد، وقيل: لا يبرأ في زماننا، لأن الظاهر المعاونة على الامتناع، لا على الإحضار، فكان تقييده مفيداً. هداية. وفي الدر عن ابن ملك: وبه يفتى في زماننا، لتهاون الناس. اهـ (وإن سلمه في برية لم يبرأ) ، لأنه لا يقدر على المخاصمة فيها، فلم يحصل المقصود، وكذا