ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمدٍ حتى يجعل آخره لجهةٍ لا تنقطع أبداً. وقال أبو يوسف: إذا سمى فيه جهةً تنقطع جاز، وصار بعدها للفقراء، وإن لم يسمهم.
ويصح وقف العقار، ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول. وقال أبو يوسف: إذا وقف ضيعةً ببقرها أو أكرتها وهم عبيده جاز.
ــ
النهر والمنح والدر وغيرها، لكن صرح بعضهم بأنه ينبغي للقاضي - حيث كان مخبراً - أن يميل إلى قول أبي يوسف وبحكم بالصحة؛ أخذاً من قولهم: يختار في الوقف ما هو الأنفع والأصلح للوقف، ومن أحب مزيد الاطلاع فعليه برسالتنا "لذة الأسماع، في حكم وقف المشاع"
(ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد حتى يجعل آخره لجهة لا تنقطع أبداً) بأن يجعل آخره للفقراء؛ لأن شرط جوازه عندهما أن يكون مؤبداً؛ فإذا عين جهة تنقطع صار مؤقتاً معنى؛ فلا يجوز (وقال أبو يوسف: إذ سمى فيه جهة تنقطع جاز، وصار) وقفاً مؤبداً، وإن لم يذكر التأبيد؛ لأن لفظ الوقف والصدقة منبئ عنه، فيصرف إلى الجهة التي سماها مدة دوامها، ويصرف (بعدها للفقراء وإن لم يسمهم) ولذا قال في الهداية: وقيل: إن التأييد شرط بالإجماع، إلا أن عند أبي يوسف لا يشترط ذكر التأبيد؛ لأن لفظة الصدقة والوقف منبئة عنه، ثم قال: ولهذا قال في الكتاب في بيان قوله "وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم"، وهذا هو الصحيح، وعند محمد ذكر التأبيد شرط، اهـ.
(ويصح وقف العقار) اتفاقا، لأنه متأبد (ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول) ؛ لأنه لا يبقى؛ فكان توقيتاً معنى، وقد ذكرنا أن شرط صحته التأبيد، قال في الهداية: وهذا على الإرسال - أي الإطلاق - قول أبي حنيفة (وقال أبو يوسف: إذا وقف ضيعة ببقرها وأكرتها) جمع أكار - بالتشديد - الفلاح: أي عمالها (وهم) أي الأكرة (عبيده جاز) وكذا سائر آلات الحراسة؛ لأنه تبع للأرض في تحصيل ما هو المقصود، وقد يثبت من الحكم تبعاً ما لا يثبت مقصوداً كالشرب