إلا أن يقع في داره حريقٌ فيسلمها إلى جاره، أو يكون في سفينةٍ يخاف الغرق فيلقيها إلى سفينةٍ أخرى، وإن خلطها المودع بماله حتى لا تتميز ضمنها، فإن طلبها صاحبها فحبسها عنه وهو يقدر على تسليمها ضمنها، وإن اختلطت بماله من غير فعله
ــ
لا يتضمن مثله كالوكيل لا يوكل غيره (إلا أن يقع في داره حريق فيسلمها إلى جاره، أو يكون) المودع (في سفينة) وهاجت الريح، وصار بحيث (يخاف الغرق، فيلقيها إلى سفينة أخرى) ؛ لأنه تعين طريقا للحفظ في هذه الحالة فيرتضيها المالك، ولا يصدق على ذلك إلا ببينة، لأنه يدعي ضرورة مسقطة للضمان بعد تحقق السبب، فصار كما لو ادعى الإذن في الإيداع، هداية. قال في المنتقى: هذا إذا لم يكن الحريق عاماً مشهوراً عند الناس، حتى لو كان مشهوراً لا يحتاج إلى البينة، اهـ (وإن خلطها المودع بماله حتى) صارت بحيث (لا تتميز ضمنها) ولا سبيل للمودع عليها عند أبي حنيفة؛ لاستهلاكها من كل وجه؛ لتعذر الوصول إلى عين حقه، وقالا: إذا خلطها بجنسها شركه إن شاء؛ لأنه وإن لم يمكنه الوصول إلى عين حقه صورة يمكنه معنى بالقسمة، فكان استهلاكا من وجه دون وجه، فيميل إلى أيهما شاء. هداية. قال في التصحيح: واختار قول الإمام المحبوبي والنسفي وأبو الفضل الموصلي وصدر الشريعة (فإن طلبها صاحبها) بنفسه أو وكيله (فحبسها عنه وهو يقدر على تسليمها) ثم هلكت (ضمنها) لتعديه بالمنع فيصير غاصباً. قيد بكونه قادراً على تسليمها لأنه لو حبسها عجزاً أو خوفا على نفسه أو ماله لم يضمن، وفي القهستاني عن المحيط: لو طلبها فقال "لم أقدر أن أحضرها تلك الساعة" فتركها فهلكت لم يضمن، لأنه بالترك صار مودعا ابتداء، ولو طلبها فقال "اطلبها غدا" فلما كان الغد قال "هلكت" لم يضمن ولو قال في السر "من أخبرك بعلامة كذا فادفعها إليه" ثم جاء رجل بتلك العلامة ولم يدفعها إليه حتى هلكت لم يضمن، اهـ (وإن اختلطت) الوديعة (بماله من غير فعله)