وهي: تمليك المنافع بغير عوضٍ، وتصح بقوله: أعرتك، وأطعمتك هذه الأرض
ــ
(وهي) لغة: إعارة الشيء كما في القاموس، وشرعا: تمليك المنافع بغير عوض، أفاد (١) بالتمليك لزوم الإيجاب والقبول ولو فعلا (وتصح بقوله: أعرتك،) لأنه صريح فيها (وأطعمتك هذه الأرض) أي غلتها، لأن الأرض لا تطعم،
(١) هذا الذي ذكره المصنف من أن الإعارة تمليك المنافع بغير عوض هو ما ذهب إليه عامة علماء المذهب ومنهم أبو بكر الرازي، وكان الكرخي رحمه الله يرى أن الإعارة عبارة عن إباحة المنافع، ووجه ما ذهب إليه الكرخي ثلاثة أشياء: أولها أنها تنعقد بلفظ الإباحة، وثانيها أنه لا يشترط فيها ضرب المدة؛ فيجوز إطلاقها عن المدة، ويجوز تقييدها بمدة معينة، ومع جهالة المدة لا يصح التمليك، وثالثها أن المستعير لا يملك تأجير العارية من غيره كما ستقف عليه، والجواب عن هذا الكلام: أما عن الوجه الأول فإن لفظ الإباحة مستعار من هذا الموضع للدلالة على التمليك، وآية ذلك أن الإجارة تنعقد هي أيضاً بلفظ الإباحة مع أن الإجارة تمليك اتفاقا، وأيضاً فإن الإعارة تنعقد بلفظ التمليك فكان لابد من حمل أحد اللفظين الإباحة والتمليك على الآخر؛ فحملنا لفظ الإباحة على التمليك، وأما عن الوجه الثاني فإن عدم اشتراط التوقيت بمدة له سبب وجيه، وهو أنها غير لازمة، بل لصاحبها أن يستردها متى شاء، فلا تفضي جهالة المدة إلى المنازعة، وأما عن الثالث فإنا لم نملك المستعير تأجير العارية دفعاً لزيادة الضرر عن مالك العين