وعصير العنب إذا طبخ حتى ذهب منه ثلثاه وبقي ثلثه حلالٌ وإن اشتد، ولا بأس بالانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير، وإذا تخللت الخمر حلت، سواءٌ صارت خلاً بنفسها أو بشيء طرح فيها،
ــ
الشعير أو الذرة أو التفاح أو العسل فاشتد وهو مطبوخ أو غير مطبوخ فإنه يجوز شربه ما دون السكر عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد: لا يجوز شربه، وبه نأخذ اهـ. (وعصير العنب إذا طبخ) بالنار أو الشمس (حتى ذهب منه ثلثاه وبقي ثلثه حلال) شربه حيث وجد شرطه (وإن) غلى و (اشتد) وقذف بالزبد كما سبق، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف أيضا، خلافا لمحمد، والخلاف فيه كالخلاف في سابقه، وقد علمت أن فتوى المتأخرين على قول محمد لفساد الزمان، وفي التصحيح: ولو طبخ حتى ذهب ثلثه ثم زيد عليه وأعيد إلى النار: إن أعيد قبل أن يغلي لا بأس به لأنه تم الطبخ قبل ثبوت الحرمة، وأن أعيد بعدما غلى الصحيح لا يحل شربه، اهـ.
(ولا بأس بالانتباذ) : أي اتخاذ النبيذ (في الدباء) بضم الفاء وتشديد العين والمد - القرع، الواحدة دباءة، مصباح (والحنتم) الخزف الأخضر، أو كل خزف وعن أبي عبيدة: هي جرار خمر تحمل فيها الخمر إلى المدينة، الواحدة حنتمة، مغرب (والمزفت) الوعاء المطلي بالزفت، وهو القار، وهذا مما يحدث التغير في الشراب سريعا مغرب (والنقير) خشبة تنقر وينبذ فيها مصباح، وما ورد من النهي عن ذلك منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فيه طول بعد ذكر هذه الأشياء:(فاشربوا في كل ظرف؛ فإن الظرف لا يحل شيئاً ولا يحرمه، ولا تشربوا المسكر) . وقاله بعد ما أخبر عن النهي عنه، فكان ناسخا له، هداية.
(وإذا تخللت الخمر حلت) ، لزوال الوصف المفسد (سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء طرح فيها) كالملح والخل والماء الحار، لأن التخليل يزبل الوصف المفسد،