وما جباه الإمام من الخراج ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية تصرف في مصالح المسلمين: فتسد منها الثغور، وتبنى القناطر والجسور، ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم وعلماؤهم منه ما يكفيهم، ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم.
ــ
لأن الصلح وقع كذلك (ويؤخذ من نسائهم، ولا يؤخذ من صبيانهم) ؛ لأن الصلح على الصدقة المضاعفة، والصدقة تجب عليهن دون الصبيان؛ فكذا المضاعف.
(وما جباه الإمام من الخراج ومن أموال بني تغلب) لأنه جزية (وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام، والجزية) وما أخذ منهم من غير حرب، ومنه تركة ذمي (تصرف في مصالح المسلمين) العامة (فتسد منها الثغور) جمع ثغر - كفلس - وهو موضع المخافة من فروج البلدان، صحاح (وتبنى) منها (القناطر) جمع قنطرة: ما يعبر عليها النهر ولا ترفع (والجسور) جمع جسر - بكسر الجيم وفتحها - ما يعبر عليه ويرفع كما في البحر عن العناية (ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم) كمفت، ومحتسب ومرابط (وعلماؤهم منه ما يكفيهم) وذراريهم (ويدفع منه) أيضا (أرزاق المقاتلة وذراريهم) ؛ لأن هذه الأموال حصلت بقوة المسلمين من غير قتال؛ فكانت لهم معدة لمصالحهم العامة، وهؤلاء عملتهم، ونفقة الذراري على الآباء، فلو لم يعطوا كفايتهم لاحتاجوا إلى الاكتساب؛ فلا يتفرغون لتلك الأعمال.
ولما أنهى الكلام عن أحكام المرتدين أخذ في الكلام على أحكام البغاة.
والبغاة: جمع باغ، من بغى على الناس، ظلم واعتدى، وفي عرف الفقهاء: الخارج عن طاعة الإمام الحق بغير حق، كما في التنوير