للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرُهما: {لَيُزْلِقُونَكَ} : ليَنْفُذونك بأبصارهم، أي: ليَعِينُونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك، وحمايته إياك منهم. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرَها حق، وذلك بأمر الله الكوني القدري، كما وردت بذلك الأحاديث المَرْوِيَّة من طرق متعددة كثيرة) (٢٢٤) . ثم إنه رحمه الله ساق نحوًا من عشرين رواية في ذلك؛ منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا استُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» (٢٢٥) .


(٢٢٤) انظر: "تفسير القرآن العظيم" (٤/٤٨٢) .
(٢٢٥) أخرجه البخاري - بالاقتصار على أوله: «العَيْنُ حَقٌّ» ؛ كتاب: الطب، باب: العين حق، برقم (٥٧٤٠) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم - بتمامه -؛ كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرقى، برقم (٢١٨٨) ، عنه أيضًا.
فائدة ذكر الإمام البخاري رحمه الله في ختام هذا الحديث قولَ أبي هريرة رضي الله عنه: (ونَهَى صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَشْمِ) ، وقد استنبط ابن حجر رحمه الله مناسبة لطيفة بين هاتين الجملتين: «العَيْنُ حَقٌّ» ؛ و «نَهَى عَنِ الْوَشْمِ» ، فقال: وقد ظهرت لي مناسبة بين هاتين الجملتين لم ار من سبق إليها، وهي: أن من جملة الباعث على عمل الوشم تغيُّرَ صفة الموشوم لئلا تصيبه العين، فنهى عن الوشم مع إثبات العين، وأن التحيُّلَ بالوشم وغيره - مما لا يستند إلى تعليم الشارع - لا يفيد شيئًا، وأن الذي قدّره الله تعالى سيقع. اهـ. انظر "الفتح" (١٠/٢١٤) .

<<  <   >  >>