للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - قولُه تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}: ويقسمُ ربُّنا باليومِ الذي وعدَ به عبادَهُ للفصلِ بينهم، وهو يوم القيامة.

٣ - قولُه تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}: ويقسمُ ربُّنا بكلِّ راءٍ مشاهِدٍ ومَرئيٍ مُشاهَدٍ، وكلِّ شاهدٍ على أحدٍ ومشهودٍ عليه؛ كيوم الجُمعة شاهدٌ لمن حضره، وهو مشهودٌ بمن حضره، وكذا يوم عرفة، أو الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم شاهدٌ على أمتِّه، وأمته مشهودٌ عليها، وكذا غيرها من الأقوال (١).

وجوابُ القَسَمِ محذوف، تقديره: «لتُبْعَثُنَّ» بدلالة قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}، وهو اليوم الذي يكذِّبُ به الكفَّار.

٤ - ٥ - قولُه تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ *النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ}: أصحابُ الأخدود (٢) هم الذين أمروا بحفر الشقوقِ الكبيرة في الأرض،


= كالقصر بالنسبة لغيرهما، أما من جعل هذه القصور لحرسِ السماء؛ كما ورد عن عطية العوفي وأبي صالح، فإنه يحتاج إلى ما يعضده من خبرِ الصادق؛ لأن مثل ذلك التحديد لا يمكن أن يُعرفَ إلا من جهة الخبر، والله أعلم.
وأمَّا تفسيرها بالنجوم، فإنَّ أصلَ المادةِ التي تدلُّ على الظهور تحتملُ دخولَ النجومِ فيها؛ لأنها ظاهرةٌ بارزةٌ للعيان، وهذا التفسير أقرب الأقوال؛ لأنَّه أظهر للناس بخلاف غيره، وقاعدةُ القَسَمِ: أن يكونَ المُقْسَمُ به مما يعلمه عامة الناس، أو يرونَ أثرَه، والله أعلم.
(١) ورد في تفسير هذه الآية اختلافٌ كثير، وإذا تأملته وجدتَه من اختلاف التنوع، وأنه من قبيلِ الاسم العام الذي يذكر المفسِّرون له أمثلةً تدلُّ عليه، قال ابن القيم: «ثم أقسَمَ سبحانه بالشاهدِ والمشهود مطلَقين غير معيَّنين، وأعمُّ المعاني فيه أنه المدرِك والمدرَك، والعالِم والمعلوم، والرائي والمَرئي، وهذا أَلْيَقُ المعاني به، ما عداه من الأقوال ذكرت على وجه التمثيل، لا على وجه التخصيص» (التبيان في أقسام القرآن: ٥٧).
(٢) وردَ خلافٌ بين السلف في تحديد أصحابِ الأخدودِ ومكانِهم، وقد وردَ في صحيح مسلم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر أصحاب الأخدود الذين في اليمن، ولكن الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم لم يُشِرْ في هذه القصة التي يذكرها للصحابة إلى هذه الآيات، ولذا يقال: إن كل ما ذكر من أصحابِ الأخاديد فإنه داخلٌ في حُكم هذه الآية، وبالأخصِّ القوم الذين ذكرَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قصَّتَهُم، وهذا يكونُ من التفسير بالسنَّة؛ لأن المفسِّرَ استفادَ من هذه القصة المطابِقة لخبر الآية ففسَّر بها، والله أعلم.

<<  <   >  >>