للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ - قولُه تعالى: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}: ويقسِمُ ربُّنا بالأرضِ وبمَنْ بسَطَها، أو ببسْطِها (١).

٧ - قولُه تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}: ويقسِمُ ربُّنا بنفسِ الإنسانِ التي خلَقَها، وبمَنْ خلقَها سوِيَّةً، معتدِلَةً غير متفاوِتَة، أو بتَسْوِيَتِها.

٨ - قولُه تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}؛ أي: خلقَ النفسَ مستوِيةً، فألقى فيها عِلْماً من غيرِ تعليمٍ، ألقى فيها ما ينبغي لها أن تأتي من خيرٍ وتَدَعَ من شرٍّ (٢).


= ابن أبي نجيح: قال: «الله بنى السماء»، وعلى هذا فإن «ما» يُحتمل أن تكون مصدَرية، وعليه تفسيرِ قتادة، أو تكون موصولة، وعليه تفسير مجاهد، قال الطبري: «وقيل: {وَمَا بَنَاهَا} هو جلَّ ثناؤه بانيها، فوضع «ما» موضِعَ «من»، كما قال: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: ٢] فوضع «ما» موضِعَ «من»، ومعناها: ومن ولد؛ لأنه قَسَمٌ أُقْسِمَ بآدم وولده (أي: على من قال بهذا، وإلا فالإمام اختار العموم في هذه الآية)، وكذلك: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]، وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: ٣]، وإنما هو: فانكحوا من طاب لكم. وجائز توجيه ذلك إلى معنى المصدر؛ كأنه قال: والسماء وبنائها، ووالد وولادته». والكلامُ في «ما» في الآياتِ اللاحقةِ نظير الكلام عليها هنا، والله أعلم.
(١) طَحَاها: بَسَطَها، هذا هو المشهور، وقد ورد عن مجاهد وابن زيد، ونسبه ابن كثير إلى مجاهد وقتادة والضحاك والسدي والثوري وأبي صالح وابن زيد، ثم قال: «وهذا أشهرُ الأقوال، وعليه أكثرُ المفسِّرين، وهو المعروف عند أهل اللغة، قال الجوهري: «طَحَوْتُه، مثل: دَحَوْتُه؛ أي: بَسَطْتُه».
وقد ورد عن ابن عباس من طريق العوفي: «ما خلق فيها»، ومن طريق ابن أبي طلحة: «قسمها»، ورواية العوفي أعمُّ من المعنى المعروف في اللغة، ولستُ أدري مُرادَهُ في رواية ابن أبي طلحة. والله أعلم.
(٢) الإلهامُ يُطلقُ إطلاقاً خاصاً على حدوثِ علمٍ في النفسِ بدونِ تعليمٍ ولا تجربةٍ ولا تفكير، فهو علمٌ يحصلُ من غيرِ دليل، قال الراغب: الإلهام: إيقاعُ الشيء في الرُّوْعِ، ويختصُ ذلك بما كان من جهةِ الله تعالى وجِهَةِ الملأ الأعلى اهـ.
ولذلك، فهذا اللفظ إنْ لم يكن من مبتكراتِ القرآن، فهو مما أحْيَاهُ القرآن؛ لأنه اسمٌ دقيقُ الدلالةِ على المعاني النفسية، وقليلٌ رواجُ أمثالِ ذلك في اللغة قبلَ الإسلام، لقلَّةِ خطورِ مثل تلك المعاني في مخاطَبات عامَّة العرب. (انظر: التحرير والتنوير، بتصرف). =

<<  <   >  >>