وفسَّر ابن زيد ذلك بقوله: «جعلَ فيها فجورَها وتقواها»، هذا تفسير معنى؛ لأنه لما كان أعلَمَها، فقد جعلَهُ فيها. وفسَّروا الفجورَ والتقوى بالخير والشرِّ، أو المعصية والطاعة، وهما سواء، والله أعلم. (١) قال قتادة من طريق سعيد: «قد وقع القسَمُ هاهنا {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}». (٢) ورد ذلك التفسير عن: مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة من طريق خصيف، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، ويشهد لهذا التفسير أن طريقةَ القرآنِ تعليق الفلاحِ على فعلِ العبدِ واختيارِه، وهذا نظيرَ قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤]. وَوَرَدَ عن ابنِ عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، وعن ابن زيد: «قد أفلحَ من زكَّى اللَّهُ نفسَه»، ويشهدُ لهذا التفسير ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها». وسببُ الاختلاف مفسِّرُ الضمير، فهو يحتمل أن يعودَ على العبد، وعلى الربِّ سبحانه، وهو من قبيل المتواطئ، والخلاف من قبيل اختلافِ التنوع الذي يرجعُ إلى أكثر من قولٍ، وبين هذين القولين تلازمٌ من جهة، وذلك أن من زكَّى نفسَهُ زكَّاهُ الله، ومن زكَّاهُ الله، فقد زَكت نفسُهُ، والله أعلم. (٣) وردَ في مفسَّر الضمير الخلاف السابق في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}. (٤) ورد ذلك عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد وابن زيد، واختاره ابن كثير. =