للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٢ - قولُه تعالى: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا}؛ أي: الوقتُ الذي ظهرَ فيه شِدَّةُ طُغيان ثمود هو وقتُ انتدابِ أشقى ثمود لقتلِ الناقة، وأشقاها هو قُدار بن سالف (١).

١٣ - قولُه تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}؛ أي: فقال لهم نبيَّهم صالح عليه السلام: احْذَروا ناقةَ الله، احْذَروا سُقيا الناقة الذي اتفقتُ معكم على أنه يكونَ لها يومٌ تشربُ فيه من الماء، ولكم شِرْبُ يومٍ آخَر، احذروا أن تعتَدوا عليهما (٢).

١٤ - ١٥ - قولُه تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا *وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}؛ أي: فكذبت ثمود صالحاً عليه السلام في أمر الناقةَ، ولم يصدِّقوه، ولم يأخذوا بتحذيرِه، فقتَلَ أشقاها الناقةَ، ورضُوا بذلك فكانوا مشارِكينَ له في القَتْلِ (٣)، فأَطبقَ اللَّهُ عليهم عذابَهُ،


= وورد عن ابن عباس من طريق عطاء الخُرَساني، قال: «اسمُ العذابِ الذي جاءها الطَّغْوَى، فقال: كذبت ثمودُ بعذابها»، ويشهدُ لهذا التفسيرِ قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: ٥]، وبه فسَّر الطبري. ووردَ عن محمد بن كعب القرظي من طريق محمد بن رفاعة القرظي، قال: «بأجمعها». ولا أدري ما وجهُ هذا التفسير! والله أعلم.
(١) قال صلّى الله عليه وسلّم: «انبعثَ لها رجلٌ عزيزٌ عارِمٌ منيعٌ في رهطه، مثل أبي زمعة». أخرجَه البخاري في تفسيرِ سورة الشمسِ من كتاب التفسير في صحيحه.
(٢) قال قتادة من طريق سعيد في تفسير سُقياها: «قَسْمُ الله الذي قَسَم لها من هذا الماء».
(٣) قال الطبري: «وقوله: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} يقول: فكذَّبوا صالحاً في خبرِهِ الذي أخبرهم به من أنَّ اللَّهَ الذي جعل شربَ الناقةِ يوماً، ولهم شربُ يومٍ معلوم، وأنَّ اللَّهَ يحلُّ بهم نقمتَهُ إن هم عَقَرُوها، كما وصفَهم ـ جل ثناؤه ـ فقال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} [الحاقة: ٤].
وقد يَحتمل أن يكون التكذيب بالعَقْر، وإذا كان ذلكَ كذلك، جازَ تقديمُ التكذيبِ قبلَ العَقْرِ، والعقر قبلَ التكذيب، وذلك أنَّ كلَّ فعلٍ وقعَ عن سببٍ حَسُنَ ابتداؤه قبل السببِ وبعدَه؛ كقول القائل: أَعطيتَ فأَحسنتَ، وأَحسنتَ فأعطيتَ؛ لأن الإعطاءَ هو الإحسانُ، ومن الإحسانِ الإعطاءُ، وكذلك لو كان العَقْرُ هو سببُ التكذيبِ، جازَ تقديم أيِّ ذلك شاءَ المتكلِّم ... وقد كان القومُ قبلَ قتلِها مُسَلِّمِينَ لها بشِرْبِ يوم، ولهم شِرْبُ يومٍ آخر، قيل: وجاء في الخبرِ أنهم بعد تسلِيمهم ذلك، أجمعوا على منعِها الشِّرْبَ، =

<<  <   >  >>