(٢) أشارَ السلفُ إلى ذلك، فقال: مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: «ذنبُك»، قال قتادة من طريق سعيد ومعمر: «كانت على النبي صلّى الله عليه وسلّم ذنوبٌ قد أثقلته، فغفَرها الله له»، وكذا قال ابن زيد. وهذه مسألةٌ تتعلقُ بالعِصْمَة، وللناسِ فيها كلامٌ كثير، وأغلبُ الكلامِ فيها عقليٌّ لا يَعْتَمِدُ على النصوص، وهذا النص صريحٌ في وقوع الرسول صلّى الله عليه وسلّم في شيء من الذنوب التي قد غفرَها الله له، ولكن لم يبيِّن الله نوعَ هذه الذنوب، ولذا فلا تتعدَّ ما أجملَهُ الله في هذا النصِّ، وقُلْ به تَسْلَم. ولا تفترض مصطَلَحاً للعِصْمة من عقلِكَ تحمِل عليه أفعالَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فتدخُل بذلك في التأويلاتِ السَمِجَةِ التي لا دليلَ عليها من الكتاب ولا السنة؛ كما وقع من بعضِهم في تأويلِ قولِه تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢]، قال: «ما تقدَّم: ذنبُ أبيك آدم، وما تأخَّر: ذنوبُ أمَّتِك»، وانظر الشَبَهَ بين هذا القولِ وبين قولِ النصارى في الخطيئة، فالله يقول: ليغفرَ لكَ اللَّهُ ما تقدَّم من ذنبِكَ، وهذا يقول هو =