(١) وردَ في حديثٍ من مُرْسَلِ الحسن وقتادة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لن يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ»، وقد شرحَ بعض العلماء ذلك، على أن العسرَ في الآيتين معرَّف، واليسر مُنَكَّر، فالتعريف دليلُ التوحُّدِ والانفراد، والتنكيرُ دليلُ التعدُّد، والله أعلم. (انظر: تفسير ابن كثير). (٢) ذكرَ السلف أمثِلةً لما يَفرغُ منه وينصبُ فيه من الأعمال، ومنها: ١ - إذا فرغتَ من صلاتِك، فانصبْ إلى ربِّك في الدعاء، وردَ ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والضحاك من طريق عبيد، وقتادة من طريق سعيد ومعمر. ٢ - إذا فرغتَ من جهادِ عدوِكَ فانصبْ في عبادة ربِّك، وردَ ذلك عن الحسن من طريق قتادة، وابن زيد. ٣ - إذا فرغتَ من أمرِ دُنياكَ، فانصبْ في عبادة ربِّك، وردَ ذلك عن مجاهد من طريق منصور. قال ابن جرير: «وأولى الأقوالِ في ذلك بالصواب، قول من قال: إن الله تعالى ذِكرُه أمرَ نبيَّهُ أن يجعلَ فراغَهُ من كلِّ ما كان به مشتغِلاً من أمر دُنياه وآخرتِه، مما أدَّى له الشغل به، وأمره بالشغلِ به إلى النَّصْبِ في عبادته، والاشتغالِ فيما قرَّبه إليه، ومسألته حاجاته، ولم يخصِّص بذلك حالاً من أحوالِ فراغِه دون حال، فسواءٌ كل أحوال فراغه: من صلاته كان فراغه، أو جهاد، أو أمرِ دنيا كان به مشتغلاً لعمومِ الشرط في ذلك من غير خصوصِ حالِ فراغ دون حال أخرى». وهذا يعني أن لفظ الفراغِ والنَّصَبِ عامٌّ، وما ذُكِرَ من التفسير أمثلةٌ لهذا العام، ولذا وردَ عن مجاهد في التفسير قولان مختلفان، وكلاهما من قبيلِ الأمثلة لهذا العموم، والله أعلم.