وسببُ الاختلاف في هذه اللفظةِ الاشتراك اللغوي، وهو من قبيل المشترَكِ المتضادِّ، ويجوز في هذا المثال حمله على معنييه، لاختلاف الزمنِ المحمولِ عليه اللفظ، وهو أولُ الليل وآخرُه، وبهذا يكون من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، وفي إيثار هذا اللفظ الدالِّ على الحالين معاً ما يُظهر بلاغةَ القرآنِ وإيجازَه في الألفاظ مع اتِّساعِ المعاني، دونَ تعارضٍ بينهما؛ أي: أنه إذا قيل بأحدهما لزمَ منه انتفاءُ الآخَر؛ كما في لفظ القُرء من قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، فإنك لا يمكن أن تقولَ بالقولين معاً؛ لأن المطلوبَ من المرأة أن تتريَّثَ ثلاثةَ أطهارٍ أو ثلاثَ حِيَضٍ، والله أعلم. (١) نسبَ إليه القول هنا لأنه المبلِّغ عن ربِّه، ولذا عبَّر عنه بلفظِ «رسول» للتنبيه على مَهِمَتِّهِ، وهي تبليغُ كلام الله للنبي صلّى الله عليه وسلّم. (٢) العرشُ من المخلوقات العُلوية الغيبية التي أطلعنا الله على بعض أوصافها، ومنها: أنه سريرٌ ذو قوائم، وهو أعلى المخلوقات، وأوسعِها، وأن الملائكةَ تحمِله، وعليه استوى الرحمن؛ كما قال تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥].