الأول: أنها النجومُ أو الكواكب، وهو قولُ علي بن أبي طالب من طريق خالد بن عرعرة، ورجل من مراد، والحسن من طريق جرير بن حازم ومعمر، وبكر بن عبد الله، ومجاهد من طريق الأعمش، وقتادة من طريق سعيد، وابن زيد. الثانية: أنها بقرُ الوَحْشِ، وهو قول ابن مسعود من طريق أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، وجابر بن زيد، وعبد الله بن وهب، ومجاهد من طريق الصَّلت بن راشد، وإبراهيم النخعي من طريق الأعمش، ومغيرة. وقال بعضُهم: الظِّباء، وهم: ابن عباس من طريق العوفي، وسعيد بن جبير من طريق جعفر، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، والضحَّاك من طريق عبيد. ومعناه قريبٌ من الذي قبله؛ لأنهما من الوحوش، ولاتفاقهما في الوصف المذكور. قال ابن جرير: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنَّ اللَّهَ ـ تعالى ذِكْرُه ـ أقسمَ بأشياء تخنسُ أحياناً؛ أي: تغيب، وتجري أحياناً، وتكنِس أخرى، وكُنوسها: أن تأوي في مكانِسهِا، والمكانس عند العرب: هي المواضع التي تأويَ إليها بقر الوحش والظباء ... وغير مُنْكَرٍ أن يُستعارَ ذلك في المواضع التي تكون بها النجوم من السماء، فإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن في الآية دلالةٌ على أن المراد بذلك النجوم دون البقر، ولا البقر دون الظباء، فالصوابُ أن يُعَمَّ بذلك كل ما كانت صفته الخنوس أحياناً، والجري أخرى، والكُنوس بآنات على ما وصف جل ثناؤه من صفتها». وسببُ الخِلاف أن هذا الوصفَ صالحٌ لأكثرِ من موصوف، فذكر هؤلاء ما يرونه أنسب من غيره من الموصوفات، وهذه الموصوفاتُ تتواطأ على هذا الوصف، وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من قولٍ، ويمكن حملُ الآية عليهما كما قال ابن جرير، غير أن في سياق الآيةِ ما يدلُّ على ترجيح أحدِ القولين، وهو أن المرادَ: النجومُ والكواكبُ، وذلك أن السياق بعدها يذكر آياتٍ كونية، وهي الليل والصبح، والنجومُ ألصق بذلك من بقرِ الوحشِ والظباء، ثم إن الغالبَ على أقسام القرآن: أن يكونَ القسمُ بما هو ظاهرٌ للناس، أو له آثار ظاهرة، والنجومُ والكواكب أظهر لكل الناس من بقر الوحش والظباء، وبهذا يترجح القول بأنها النجوم والكواكب، والله أعلم. (١) اختلف السلف في المراد بـ «عَسَعَس» في هذا الموضع، على قولين: الأول: أدْبَر، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، وعلي بن أبي طالب من طريق أبي ظبيان وأبي عبد الرحمن السلمي، وقتادة من طريق معمر وسعيد، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد. =