والله -جل وعلا- هو المعطي، تجدون الجموع والفئام يحضرون الدروس، وبعضهم أحرص من بعض، لكن النتائج مختلفة، تجد هذا بعد عشر سنين إماماً يشار إليه، وتجد هذا بعد عشرين ثلاثين أربعين سنة في مكانه جالس، لذا جاء في حديث معاوية:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وسيأتي هذا، ((وإنما أنا قاسم والله هو المعطي)): يعني لا أستطيع، نعم، العالم ما هو .. ، العلم ما هو بمواد محسوسة تنقل من مكان إلى مكان، لا، حتى الأمور المحسوسة لا يستطيع الإنسان إذا لم يوفقه الله -جل وعلا- للحصول عليها ما استطاع بجهده ولو كان من أبرع الناس وأذكاهم.
فعلى الإنسان أن يحرص، أن يحرص لأن يكون عالماً، إذا لم يكن عالماً ولم يستطع ولم يوفق لهذه المنازل وهذه المراتب، أقل الأحوال أن يكون متعلماً يلازم حلق الذكر، رياض الجنة، يثني الركب عند أهل العلم، ويحرص ويلهج بالدعوة الصادقة إلى الله -جل وعلا- أن يبلغه منازل العلماء.
ولا تغدُ بين ذلك: يعني لا تكن عائراً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا إلى العلماء ولا إلى المتعلمين.
وجاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره:((الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالماً ومتعلماً))، فالدنيا لا خير فيها، الدنيا لا خير فيها إن خرجت عن ما يرضي الله -جل وعلا- من ذكره والقيام بعبوديته، والعلم والتعليم، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت حنظلة يحدث عن عون بن عبد الله قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: يقال: إن استطعت أن تكون عالماً فكن عالماً، فإن لم تستطع فكن متعلماً فإن لم تكن متعلماً فأحبَّهم، فإن لم تحبَّهم فلا تبغضهم، فقال عمر:"سبحان الله لقد جعل الله -عز وجل- له مخرجاً".