لكن أهل العلم هم أهل هذه المشكلات وحل الأزمات، وهذا المثال ذكره أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق العلماء، فالعلماء الناس بأمسِّ الحاجة إليه، يعني إذا كانوا بحاجة إلى الأطباء، بحاجة إلى الأطباء الذين يعالجون أمراض الأبدان، فهم أحوج إلى العلماء الذين يعالجون أمراض القلوب، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
هذا الحديث الذي يروى بهذا الإسناد من كلام عبد الله موقوف عليه هو مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث معاوية -رضي الله عنه- مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
((يفقهه في الدين)) ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)): والدين شامل للخصال كلها -للإسلام، والإيمان والإحسان- ولذا في حديث جبريل لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان والإسلام والإحسان في نهايته قال:((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم))، فالدين شامل للإسلام، للأعمال الظاهرة والباطنة، ولما هو أعظم من ذلك من منزلة المراقبة لله -جل وعلا-، وبعض الناس يستدل بمثل هذا الحديث على فضل الفقه العملي، الذي مشتمل على العبادات والمعاملات والمناكحات والأقضية والأحكام، الذي هو الفقه المعروف عندنا، لكن نقول: أهم من ذلك الفقه الأكبر، العلم بالله -جل وعلا-، وما يجب له من صفات وأسماء ومن حقوق، وما لا يجوز أن يضاف إليه، هذا أعظم، وإن كان الفقه العملي مهماً، لكن الفقه في الدين يعني في جميع أبواب الدين، ((يفقهه في الدين)): يعني في جميع أبوابه.
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)): هل معنى هذا أن من لم يتفقه في الدين قد أراد الله به شراً؟ أراد الله به شراً؟ هل يفهم من هذا أن عوام المسلمين أراد الله بهم شراً؟