للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وينبي التنبه إلى إن هذه المرتبة المتأخرة لكلمة " مقارب الحديث " من قبل متاخري علماء الجرح والتعديل: إنما هي فيما إذا اطلقت وحدها، ولم يقترن معها كلمة ترفعها إلى مستوى إعلى، كقول الامام البخاري الذي رواه عنه الترمذي في " العلل الكبرى " ٢: ٩٨١: " أحاديث أهل العراق عن زهير بن محمد - التميمي الخراساني - مقاربة مستقيمة ".

فزاد وصفها بالاستقامة.

وقال في أواخر كتاب فضل الجهاد ٥: ٣٧٦

١٦٦٦) : " إسماعيل بن رافع ضعفه بعض أهل الحديث، وسمعت محمدا يقول: هو ثقة مقارب الحديث " - وإن كان المعتمد في إسماعيل الضعف -.

وقال في " سننه " ٩: ٧

٣٢٥٠- من قبل نفسه عن حجاج بن دينار: " حجاج ثقة مقارب الحديث "، ونقل في " العلل الكبرى " ٢: ٩٦٩ عن البخاري قوله في حجاج نفسه: " مقارب الحديث ".

ذلك أن إحدى الكلمتين ترشح للاخرى شيئا من معناها، فثقة صدوق - مثلا - أعلى من: صدوق فقط، لما تستفيده كلمة

صدوق- من كلمة

ثقة) ، كما أن كلمة

صدوق- تؤثر على كلمة

ثقة) ، ف

ثقة صدوق- أدنى من كلمة

ثقة- وحدها.

فكذلك كلمة " ثقة تعطي كلمة " مقارب الحديث " حين اقترانها بها شيئا من القوة.

ومما يستفاد من هذا الاقتران بين الكلمتين على لسان هذين الامامين: البخاري والترمذي: أن كلمة " مقارب الحديث " ليست من ألفاظ الجرح، كما جاء في التعليق على " العلل الكبرى " ٢: ٩٧٠: " وخلاصة القول: أن قول البخاري عن رجل " مقارب الحديث " هو جرح للراوي " ".

إذ كيف يجتمع لفظة توثيق وتجريح في آن واحد في رجل واحد!.

وانظر منه أيضا ٢: ٩٦٢.

١٥ - صالح الحديث: من ألفاظ التعديل الاخيرة قولهم: صالح الحديث، ففيه نوع ثناء على ضبط الرجل، وتقدم أنهم جعلوها مع: مقارب الحديث، وهذا لا شئ فيه يحتاج إلى تنبيه.

لكن الذي يحتاج إلى تنبيه: هو التفرقة بين هذا اللفظ، وبين اللفظ الآتي: ١٦: صالح.

فانه ثناء على ديانة الرجل، وقد نبه إلى هذه التفرقة الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الكنت على ابن الصلاح " ٢: ٦٨٠، فانه قال: " وقول الخليلي: إنه - أي أبا زكير - شيخ صالح: أراد به في دينه، لا في حديثه، لان من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا: صالح

الحديث، فإذا أطلقوا الصلاح فانما يريدون به في الديانة ".

وقال في " تهذيب التهذيب " ١: ٢٢٢ ترجمة إسحاق بن إبراهيم الحنيني: " قال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: صالح.

يعني في دينه لا في عدالته ".

١٧ - مشهور: كلمة تقتضي شهرة الرجل جهالته، ويظهر من عبارة الحافظ ابن حجر رحمه الله - الآتية قريبا - أنها تقتضي عدم جهالة عينه، أي: إن من قيل فيه

مشهور) : فهو معروف العين، قد ارتفعت عنه جهالة عينه.

وينبغي أن يفرق بينها وبين كلمة أخرى هي: ١٨ - مشهور الحديث.

وشهرة الحديث غير شهرة الرجل، فقد يكون حديثه مشهورا بين الرواة - أو الناس -

<<  <  ج: ص:  >  >>