[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ] [ذِكْرُ فَتْحِ الْمَدَائِنِ الْغَرْبِيَّةِ وَهِيَ بَهُرَسِيرُ]
١٦ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ
ذِكْرُ فَتْحِ الْمَدَائِنِ الْغَرْبِيَّةِ وَهِيَ بَهُرَسِيرُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ - فِي صَفَرٍ - دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ بَهُرَسِيرَ، وَكَانَ سَعْدٌ مُحَاصِرًا لَهَا، وَأَرْسَلَ الْخُيُولَ فَأَغَارَتْ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ، فَأَصَابُوا مِائَةَ أَلْفِ فَلَّاحٍ، فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَّاحًا، لِأَنَّ كُلَّ الْمُسْلِمِينَ كَانَ فَارِسًا، فَأَرْسَلَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ يَسْتَأْذِنُهُ، فَأَجَابَهُ: إِنَّ مَنْ جَاءَكُمْ مِنَ الْفَلَّاحِينَ مِمَّنْ لَمْ يُعِينُوا عَلَيْكُمْ فَهُوَ أَمَانُهُمْ، وَمَنْ هَرَبَ فَأَدْرَكْتُمُوهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ. فَخَلَّى سَعْدٌ عَنْهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَى الدَّهَاقِينِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْجِزْيَةِ وَلَهُمُ الذِّمَّةُ، فَتَرَاجَعُوا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ لِآلِ كِسْرَى، فَلَمْ يَبْقَ فِي غَرْبَيِّ دِجْلَةَ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ سَوَادِيٌّ إِلَّا أَمِنَ وَاغْتَبَطَ بِمُلْكِ الْإِسْلَامِ.
وَأَقَامُوا عَلَى بَهُرَسِيرَ شَهْرَيْنِ يَرْمُونَهُمْ بِالْمَجَانِيقِ، وَيَدِبُّونَ إِلَيْهِمْ بِالدَّبَّابَاتِ وَيُقَاتِلُونَهُمْ بِكُلِّ عُدَّةٍ، وَنَصَبُوا عَلَيْهَا عِشْرِينَ مَنْجِنِيقًا فَشَغَلُوهُمْ بِهَا، وَرُبَّمَا خَرَجَ الْعَجَمُ فَقَاتَلُوهُمْ فَلَا يَقُومُونَ لَهُمْ، وَكَانَ آخِرُ مَا خَرَجُوا مُتَجَرِّدِينَ لِلْحَرْبِ وَتَبَايَعُوا عَلَى الصَّبْرِ، فَقَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ. وَكَانَ عَلَى زُهْرَةَ بْنِ الْحَوِيَّةِ دِرْعٌ مَفْصُومَةٌ، فَقِيلَ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا الْفَصْمِ فَسُرِدَ. فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي عَلَى اللَّهِ لَكَرِيمٌ، أَنْ تَرَكَ سَهْمُ فَارِسَ الْجُنْدَ كُلَّهُمْ ثُمَّ أَتَانِي مِنْ هَذَا الْفَصْمِ حَتَّى يَثْبُتَ فِيَّ! فَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute