[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٤١
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ:
ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخِلَافَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ قَدْ بَايَعَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنْ عَسْكَرِهِ عَلَى الْمَوْتِ لَمَّا ظَهَرَ مَا كَانَ يُخْبِرُهُمْ بِهِ عَنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتَجَهَّزُ لِلْمَسِيرِ قُتِلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ. فَلَمَّا قُتِلَ وَبَايَعَ النَّاسُ وَلَدَهُ الْحَسَنَ بَلَغَهُ مَسِيرُ مُعَاوِيَةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ إِلَيْهِ، فَتَجَهَّزَ هُوَ وَالْجَيْشُ الَّذِي كَانُوا بَايِعُوا عَلِيًّا وَسَارَ عَنِ الْكُوفَةِ إِلَى لِقَاءِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ مَسْكِنَ، فَوَصَلَ الْحَسَنُ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَجَعَلَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، (وَقِيلَ بَلْ كَانَ الْحَسَنُ قَدْ جَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي الطَّلَائِعِ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) . فَلَمَّا نَزَلَ الْحَسَنُ الْمَدَائِنَ نَادَى مُنَادٍ فِي الْعَسْكَرِ: أَلَا إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قُتِلَ فَانْفِرُوا. فَنَفَرُوا بِسُرَادِقِ الْحَسَنِ، فَنَهَبُوا مَتَاعَهُ حَتَّى نَازَعُوهُ بِسَاطًا كَانَ تَحْتَهُ، فَازْدَادَ لَهُمْ بُغْضًا وَمِنْهُمْ ذُعْرًا، وَدَخَلَ الْمَقْصُورَةَ الْبَيْضَاءَ بِالْمَدَائِنِ، وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى الْمَدَائِنِ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ عَمَّ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ، وَهُوَ شَابٌّ: هَلْ لَكَ فِي الْغِنَى وَالشَّرَفِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَسْتَوْثِقُ مِنَ الْحَسَنِ وَتَسْتَأْمِنُ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ:
فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ! أَثِبُ عَلَى ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُوثِقُهُ؟ بِئْسَ الرَّجُلُ أَنْتَ!
فَلَمَّا رَأَى الْحَسَنُ تَفَرُّقَ الْأَمْرِ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَكَرَ شُرُوطًا وَقَالَ لَهُ: إِنْ أَنْتَ أَعْطَيْتَنِي هَذَا فَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ وَعَلَيْكَ أَنْ تَفِيَ لِي بِهِ. وَقَالَ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute