للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَة]

٣٦٠ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ

ذِكْرُ عِصْيَانِ أَهْلِ كَرْمَانَ عَلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ

لَمَّا مَلَكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ كَرْمَانَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، اجْتَمَعَ الْقُفْصُ وَالْبِلَّوْصُ، وَفِيهِمْ أَبُو سَعِيدٍ الْبِلَّوْصِيُّ وَأَوْلَادُهُ، عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْخِلَافِ، وَتَحَالَفُوا عَلَى الثَّبَاتِ وَالِاجْتِهَادِ، فَضَمَّ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى كُورْكِيرِ بْنِ جَسْتَانَ عَابِدَ بْنَ عَلِيٍّ فَسَارَا إِلَى جِيرُفْتَ فِيمَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْعَسَاكِرِ، فَالْتَقَوْا عَاشِرَ صَفَرَ، فَاقْتَتَلُوا، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ ثُمَّ انْهَزَمَ الْقُفْصُ وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ مِنْ شُجْعَانِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ، وَقُتِلَ ابْنَانِ لِأَبِي سَعِيدٍ.

ثُمَّ سَارَ عَابِدُ بْنُ عَلِيٍّ يَقُصُّ آثَارَهُمْ لِيَسْتَأْصِلَهُمْ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ عِدَّةَ وَقَائِعَ، وَأَثْخَنَ فِيهِمْ، وَانْتَهَى إِلَى هَرْمُوزَ فَمَلَكَهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ التَّيْزِ وَمَكْرَانَ، وَأَسَرَ أَلْفَيْ أَسِيرٍ، وَطَلَبَ الْبَاقُونَ الْأَمَانَ، وَبَذَلُوا تَسْلِيمَ مَعَاقِلِهِمْ وَجِبَالِهِمْ، عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا فِي السِّلْمِ، وَيَنْزِعُوا شِعَارَ الْحَرْبِ، وَيُقِيمُوا حُدُودَ الْإِسْلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ.

ثُمَّ سَارَ عَابِدٌ إِلَى طَوَائِفَ أُخَرَ يُعْرَفُونَ بِالْحَرُومِيَّةِ وَالْحَاسِكِيَّةِ يُخِيفُونَ السَّبِيلَ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ، وَكَانُوا قَدْ أَعَانُوا سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ إِلْيَاسَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ، وَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَأَنْقَذَهُمْ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَاسْتَقَامَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>