[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ]
٢٥٢ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ خَلْعِ الْمُسْتَعِينِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ الْمُسْتَعِينُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ، وَبَايَعَ لِلْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، وَخُطِبَ لِلْمُعْتَزِّ بِبَغْدَاذَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَأَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ عَلَى كُلِّ مَنْ بِهَا مِنَ الْجُنْدِ.
وَكَانَ ابْنُ طَاهِرٍ قَدْ دَخَلَ عَلَى الْمُسْتَعِينِ وَمَعَهُ سَعِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَقَدْ كَتَبَ شُرُوطَ الْأَمَانِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَدْ كَتَبَ سَعِيدٌ كِتَابَ الشُّرُوطِ، فَأَكَّدَهُ غَايَةَ التَّوْكِيدِ، أَفَنَقْرَأُهُ عَلَيْكَ لِتَسْمَعَهُ، فَقَالَ الْمُسْتَعِينُ: لَا حَاجَةَ لِي إِلَى تَوْكِيدِهَا، فَمَا الْقَوْمُ بِأَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْكَ، وَلَقَدْ أَكَّدْتَ عَلَى نَفْسِكَ قَبْلَهُمْ، فَكَانَ مَا عَلِمْتُ، فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ شَيْئًا.
فَلَمَّا بَايَعَ الْمُسْتَعِينُ لِلْمُعْتَزِّ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، نُقِلَ مِنَ الرُّصَافَةِ إِلَى قَصْرِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ بِالْمُحَرَّمِ وَمَعَهُ عِيَالُهُ وَأَهْلُهُ جَمِيعًا، وَوَكَّلَ بِهِمْ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُرْدَةَ، وَالْقَضِيبَ، وَالْخَاتَمَ، وَوَجَّهَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، وَمَنَعَ الْمُسْتَعِينَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى مَكَّةَ، فَاخْتَارَ الْمُقَامَ بِالْبَصْرَةِ، فَقِيلَ لَهُ، إِنَّ الْبَصْرَةَ وَبِيَّةٌ، فَقَالَ: هِيَ أَوْبَأُ أَوْ تَرْكُ الْخِلَافَةِ!
وَلِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ دَخَلَ بَغْدَادَ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ سَفِينَةٍ فِيهَا صُنُوفُ التِّجَارَاتِ وَغَنَمٌ كَثِيرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute