لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسٌ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْنَا لَهُ. فَضَرَبَ وَجْهَهُ أَبُو الْحَيْسَرِ بِحَفْنَةٍ مِنَ الْبَطْحَاءِ وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ فَلَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا فَسَكَتَ إِيَاسٌ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَلْبَثْ إِيَاسٌ أَنْ هَلَكَ، فَسَمِعَهُ قَوْمُهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ حَتَّى مَاتَ، فَمَا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا.
[ذِكْرُ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الْأُولَى وَإِسْلَامِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ]
فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ وَإِنْجَازَ وَعْدِهِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَ فِيهِ النَّفَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْخَزْرَجِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، وَقَدْ كَانَتْ يَهُودُ مَعَهُمْ بِبِلَادِهِمْ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ أَهْلَ أَوْثَانٍ، فَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ تَقُولُ الْيَهُودُ: إِنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ الْآنَ نَتَّبِعُهُ وَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ. فَقَالَ أُولَئِكَ النَّفَرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا وَاللَّهِ النَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ الْيَهُودُ، فَأَجَابُوهُ وَصَدَّقُوهُ وَقَالُوا لَهُ: إِنَّ بَيْنَ قَوْمِنَا شَرًّا، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ بِكَ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ. ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، وَكَانُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنَ الْخَزْرَجِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسَ أَبُو أُمَامَةَ، وَعَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ، كِلَاهُمَا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَجْلَانَ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمٍ، كِلَاهُمَا مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدِ بْنِ سَوَادٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ - سَلِمَةُ هَذَا بِكَسْرِ اللَّامِ - وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ مِنْ بَنِي غَنْمٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِيَابٍ مِنْ بَنِي عُبَيْدَةَ.
(رِيَابٌ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِ وَالْيَاءِ الْمُوَحَّدَةِ) .
فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ذَكَرُوا لَهُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى فَشَا فِيهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ وَافَى الْمَوْسِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَلَقُوهُ بِالْعَقَبَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute