للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ]

٢٨٣ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ

ذِكْرُ الظَّفَرِ بِهَارُونَ الْخَارِجِيِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْمُعْتَضِدُ إِلَى الْمَوْصِلِ بِسَبَبِ هَارُونَ الشَّارِيِّ وَظَفِرَ بِهِ.

وَسَبَبُ الظَّفَرِ بِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى تِكْرِيتَ، وَأَقَامَ بِهَا، وَأَحْضَرَ الْحُسَيْنَ بْنَ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيَّ، وَسَيَّرَهُ فِي طَلَبِ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَارِجِيِّ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُرْسَانِ، وَالرَّجَّالَةِ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: إِنْ أَنَا جِئْتُ بِهِ فَلِي ثَلَاثُ حَوَائِجَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ; قَالَ: اذْكُرْهَا! قَالَ إِحْدَاهُنَّ إِطْلَاقُ أَبِي، وَحَاجَتَانِ أَذْكُرُهُمَا بَعْدَ مَجِيئِي بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَضِدُ: لَكَ ذَلِكَ. فَانْتَخَبَ ثَلَاثَمِائَةِ فَارِسٍ، وَسَارَ بِهِمْ، وَمَعَهُمْ وَصِيفُ بْنُ مُوشْكِيرَ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: تَأْمُرُهُ بِطَاعَتِي، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ.

وَسَارَ بِهِمُ الْحُسَيْنُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَخَاضَةٍ فِي دِجْلَةَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ لِوَصِيفٍ وَلِمَنْ مَعَهُ: لِيَقِفُوا هُنَاكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إِنْ هَرَبَ غَيْرُ هَذَا، فَلَا تَبْرَحُنَّ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى يَمُرَّ بِكُمْ فَتَمْنَعُوهُ عَنِ الْعُبُورِ، وَأَجِيءُ أَنَا، أَوْ يَبْلُغُكُمْ أَنِّي قُتِلْتُ.

وَمَضَى حُسَيْنٌ فِي طَلَبِ هَارُونَ، (فَلَقِيَهُ، وَوَاقَعَهُ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمَا قَتْلَى، وَانْهَزَمَ هَارُونُ، وَأَقَامَ وَصَيْفٌ عَلَى الْمَخَاضَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: قَدْ طَالَ مُقَامُنَا، وَلَسْنَا نَأْمَنُ أَنْ يَأْخُذَ حُسَيْنٌ الشَّارِيَّ، فَيَكُونَ لَهُ الْفَتْحُ دُونَنَا، وَالصَّوَابُ أَنْ نَمْضِيَ فِي آثَارِهِمْ. فَأَطَاعَهُمْ وَمَضَى.

وَجَاءَ هَارُونَ مُنْهَزِمًا إِلَى مَوْضِعِ الْمَخَاضَةِ فَعَبَرَ، وَجَاءَ حُسَيْنٌ فِي أَثَرِهِ فَلَمْ يَرَ وَصِيفًا وَأَصْحَابَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرَكَهُمْ فِيهِ، وَلَا عَرَفَ لَهُمْ خَبَرًا فَعَبَرَ فِي أَثَرِ هَارُونَ، وَجَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>