[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَة]
٦٠٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ سَنْجَرَ مَمْلُوكِ الْخَلِيفَةِ بِخُوزِسْتَانَ وَمَسِيرِ الْعَسَاكِرِ إِلَيْهِ
كَانَ قُطْبُ الدِّينِ سَنْجَرُ، مَمْلُوكُ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ، قَدْ وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ خُوزِسْتَانَ بَعْدَ طَاشْتَكِينَ أَمِيرِ الْحَاجِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ بَدَا مِنْهُ تَغَيُّرٌ عَنِ الطَّاعَةِ فَرُوسِلَ فِي الْقُدُومِ إِلَى بَغْدَادَ، فَغَالَطَ وَلَمْ يَحْضُرْ، وَكَانَ يُظْهِرُ الطَّاعَةَ وَيُبْطِنُ التَّغَلُّبَ عَلَى الْبِلَادِ، فَبَقِيَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَتَقَدَّمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى مُؤَيِّدِ الدِّينِ، نَائِبِ الْوِزَارَةِ، وَإِلَى عِزِّ الدِّينِ بْنِ نَجَاحٍ الشَّرَابِيِّ، خَاصِّ الْخَلِيفَةِ، بِالْمَسِيرِ بِالْعَسَاكِرِ إِلَيْهِ بِخُوزِسْتَانَ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهَا، فَسَارَا فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ إِلَى خُوزِسْتَانَ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ سَنْجَرُ قَصْدَهُمْ إِلَيْهِ، فَارَقَ الْبِلَادَ، وَلَحِقَ بِصَاحِبِ شِيرَازَ، وَهُوَ أَتَابِكْ عِزُّ الدِّينِ سَعْدُ بْنُ دَكْلَا مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ وَقَامَ دُونَهُ.
وَوَصَلَ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ إِلَى خُوزِسْتَانِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ بِغَيْرِ مُمَانِعَةٍ، فَلَمَّا اسْتَقَرُّوا فِي الْبِلَادِ رَاسَلُوا سَنْجَرَ يَدْعُونَهُ إِلَى الطَّاعَةِ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ، فَسَارُوا إِلَى أَرَّجَانَ عَازِمِينَ عَلَى قَصْدِ صَاحِبِ شِيرَازَ، فَأَدْرَكَهُمُ الشِّتَاءُ، فَأَقَامُوا شُهُورًا وَالرُّسُلُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ شِيرَازَ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ شَوَّالٌ رَحَلُوا يُرِيدُونَ شِيرَازَ، فَحِينَئِذٍ أَرْسَلَ صَاحِبُهَا إِلَى الْوَزِيرِ وَالشَّرَابِيِّ يَشْفَعُ فِيهِ، وَيَطْلُبُ الْعَهْدَ لَهُ عَلَى أَنْ لَا يُؤْذَى، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ هُوَ وَمَالَهُ وَأَهْلَهُ، فَعَادُوا إِلَى بَغْدَادَ وَسَنْجَرَ مَعَهُمْ تَحْتَ الِاسْتِظْهَارِ، وَوَلَّى الْخَلِيفَةُ بِلَادَ خُوزِسْتَانِ مَمْلُوكَهُ يَاقُوتًا أَمِيرَ الْحَاجِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute